وروى محمد بن الحسن الصفّار ـ ره ـ في بصائر الدرجات (١) بإسناده عن هشام الجواليقي (٢) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ لله مدينة خلف البحر سعتها مسيرة أربعين يوما للشمس ، فيها قوم لم يعصوا الله قطّ ، ولا يعرفون إبليس ، ولا يعلمون خلق إبليس ؛ نلقاهم في كل حين ، فيسألونا عمّا يحتاجون إليه ، ويسألون الدعاء فنعلّمهم ، ويسألونا عن قائمنا : ـ متى يظهر؟ ـ وفيهم عبادة واجتهاد شديد.
لمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ ؛ لهم تقديس واجتهاد شديد ، لو رأيتموهم لاحتقرتم عملكم ، يصلّي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجوده ؛ طعامهم التسبيح ، ولباسهم الورع ، ووجوههم مشرقة بالنور ؛ إذا رأوا منّا واحدا لحسوه (٣) واجتمعوا إليه وأخذوا من أثره من الأرض يتبرّكون به ؛ لهم دويّ إذا صلّوا أشدّ من دويّ الريح العاصف ؛ فيهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ، ينتظرون قائمنا ، يدعون الله أن يريهم إيّاه ؛ وعمر أحدهم ألف سنة.
إذا رأيتهم رأيت الخشوع والاستكانة ، وطلب ما يقرّبهم إليه ، إذا احتبسنا ظنّوا أنّ ذلك من سخط الله ؛ يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها ، لا يسأمون ولا يفترون ، يتلون كتاب الله كما علّمناهم ؛ وإنّ فيما نعلّمهم ما لو تلي على الناس لكفروا به ولأنكروه ؛ ويسألونا عن الشيء إذا ورد
__________________
(١) ـ بصائر الدرجات : الجزء العاشر ، باب (١٤) أنّ الخلق الذين خلف المشرق والمغرب يعرفونهم ... : ٤٩٠ ، ح ٤. عنه البحار : ٢٧ / ٤٢ ، ح ٣.
(٢) ـ يظهر أنه هشام بن سالم الجواليقي ، وقد مضت الإشارة إليه في ص (٦٥) والله أعلم.
(٣) ـ في هامش النسخة : «تحيوه (نسخة). تقول : لحست الشيء إذا أخذته بلسانك. ويقال : ألحست منه حقّي : أي أخذته. واللاحوس : الحريص ـ قاله الجزري ـ منه».