لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [١٦ / ١٤].
(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) [٤٢ / ٣٢ ـ ٣٣].
فانظر إلى عجائب السفن ، كيف أمسكها الله ـ عزوجل ـ على وجه الماء وسيّر فيها التجّار وطلّاب الأموال وسخّرها لهم لتحمل أثقالهم ، ثمّ أرسل الرياح لتسوقها ، ثمّ عرّف الملّاحين موارد الرياح ومهابّها ومواقيتها.
ولا يستقصى ـ على الجملة ـ عجائب صنع الله في البحر في مجلّدات.
وأعجب من ذلك كلّه ما هو أظهر من كلّ ظاهر ، وهو كيفيّة قطرة الماء ؛ وهو جسم رقيق لطيف سيّال مشف متّصل الأجزاء كأنّه شيء واحد ، لطيف التركيب ، سريع القبول للتقطيع ، كأنّه منفصل مسخّر للتصرّف ، وقابل للانفصال والاتّصال ، به حيات كلّ ما على وجه الأرض ـ من حيوان ونبات ـ فلو احتاج العبد إلى شربة ومنع ، لبذل جميع خزائن الدنيا في تحصيلها ـ لو ملك ذلك ـ ثمّ ـ إذا شربها ـ لو منع من اخراجها ، لبذل جميع خزائن الأرض في إخراجها.