لتعاقب الصور الإراديّة منها ، على حسب توارد الأرقام القلميّة عليها ـ لكانت الامور كلّها حتما مقضيّا ، وكان الفيض الإلهي مقصورا على عدد معيّن غير متجاوز عن حدود الإبداع ، وكان قد انسدّ طرق الاهتداء للسالكين ، وإجابة الدعاء للداعين.
أقول : ليس حكم النسخ حكم البداء ، إلّا إذا كان عبارة عن رفع الحكم السابق ، وأمّا إذا كان عبارة عن انتهاء مدّة الحكم ـ كما هو التحقيق ـ فلا مدخل للمحو والإثبات فيه أصلا.
والدعاء ـ أيضا ـ يجرى فيه نظير الأمرين ، فليتدبّر.
* * *
وأمّا سبب الاطلاع على البداء ونحوه : فهو اتّصال نفس النبيّ أو الوليّ بالملائكة العمّالة ـ بإذن الله ـ وقراءتهم ما كتب في قلوبهم ؛ مما أوحى الله إليهم فيخبرون بما رأوه بأعين قلوبهم ، أو شاهدوه بأنوار بصائرهم أو سمعوه بآذان قلوبهم من صرير أقلام اولئك الكرام ، ثمّ إذ اتّصلت أنفسهم بها تارة اخرى. ورأوا في تلك الألواح غير ما رأوه أوّلا ، وغير ما ناسبته الصور السابقة ، فيقال لمثل هذا الأمر : «البداء» وما أشبهها.