الأسامي المشتقّة من الأفعال لا يفهم إلّا بعد فهم الأفعال ، وكلّ ما في الوجود من أفعال الله ـ تعالى ـ ومن لم يحط علما بتفصيلها ولا بجملتها فلا يكون معه إلّا محض التفسير واللغة.
ولا مطمع في العلم بتفصيلها ، فإنّه لا نهاية له ؛ وأمّا الجملة فللعبد طريق إلى معرفته ، وبقدر اتّساع معرفته فيها يكون حظّه من معرفة الأسماء ، وذلك يستغرق العلوم كلّها.
أقول : وسنذكر نبذا من آثار رحمة الله وآيات عظمته وحكمته ولطفه وعدالته في أواخر هذا المقصد ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وحظّ العبد من العدل لا يخفى ؛ فأوّل ما عليه من العدل في صفات نفسه ، وهو أن يجعل الشهوة والغضب أسيرا تحت إشارة العقل والدين ، ومهما جعل العقل خادما للشهوة والغضب فقد ظلم.
وهذا جملة ، وتفصيله مراعاة حدود الشرع كلّه.
وعدله في كلّ عضو أن يستعمله على الوجه الذي أذن الشرع فيه.
وأمّا عدله في أهله وذريّته ثمّ في رعيّته ـ إن كان من أهل الولاية ـ فلا يخفى.
وليكن حظّه من الإيمان بعدالة الله ـ سبحانه ـ أن لا يعترض عليه في تدبيره وحكمه وسائر أفعاله ـ وافق مراده أو لم يوافق ـ وأن لا يسبّ الدهر ولا ينسب الأشياء إلى الفلك ، ولا يعترض عليه ـ كما جرت به العادة ـ بل يعلم أنّ كلّ ذلك أسباب مسخّرة ، وأنّها رتّبت ووجّهت إلى المسبّبات ـ أحسن ترتيب وتوجيه ، بأقصى وجوه العدل واللطف.