وحظّ العبد من الحكم ما إليه في تدبير الرياضات والمجاهدات ، وتقدير السياسات التي تفضي إلى مصالح الدين والدنيا ، ولذلك استخلف الله عباده في الأرض ، واستعمرهم فيها ، لينظر كيف يعملون.
وليكن حظّه منه ـ أيضا ـ أن يعلم أنّ الأمر مفروغ منه ، وأنّ المقدور (١) كائن ، وأنّ الهمّ فضل ؛ فيكون في رزقه مجملا في الطلب مطمئنّ النفس ، غير مضطرب القلب ، وهذا حظّه الدينيّ منه.
العدل
معناه العادل ، وهو الذي يصدر منه فعل العدل المضادّ للجور والظلم ؛ أعني : وضع كلّ شيء فى موضعه كما ينبغي وعلى ما ينبغي.
ولن يعرف عدالة الله ـ سبحانه ـ من لم يحط علما بأفعاله جلّ وعزّ ـ من أعلى ملكوت السماوات إلى منتهى الثرى ـ حتّى إذا لم ير في خلق الرحمن من تفاوت ، ثمّ يرجع البصر فما رأى من فطور ، ثمّ يرجع مرّة اخرى فانقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير (٢) ، قد بهره جمال الحضرة الربوبيّة ، وحيّره اعتدالها وانتظامها ، فعند ذلك يعبق بفهمه شيء من معاني عدل الله تعالى.
وشرح ذلك يفتقر إلى مجلّدات ، وكذا شرح معنى كلّ اسم ، فإنّ
__________________
(١) ـ كذا. والأظهر أن الصحيح : المقدّر.
(٢) ـ مقتبس من قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [٦٧ / ٣ ـ ٤]