والمنظر ، وما لا يصل إليه من اللذّات ، إلّا بواسطة الحسّ والقالب ؛ بل لا يريد إلّا الله تعالى ، ولا يبقى له حظّ إلّا فيه ، ولا يكون له شوق إلّا إلى لقائه ، ولا فرح إلّا بالقرب منه ؛ ولو عرضت عليه الجنّة وما فيها من النعيم ، لم يلتفت همّته إليها ولم يبتغ من الدار إلّا ربّ الدار.
وعلى الجملة ـ الإدراكات الحسيّة والخياليّة تشارك البهائم فيها ، فينبغي أن يترقّى عنها إلى ما هو من خواصّ الإنسانيّة ؛ والحظوظ البشريّة الشهوانيّة تزاحم البهائم أيضا فيها ، فينبغي أن ينزّه عنها ؛
فجلالة المريد على قدر جلالة مراده ، ومن همّته ما يدخل في بطنه فقيمته ما يخرج منه ، ومن لم يكن همّته سوى الله ، فدرجته على قدر همّته ، ومن ترقى علمه عن درجة المتخيّلات والمحسوسات وقدس إرادته عن مقتضى الشهوات ، فقد نزل بحبوحة حظيرة القدس (١).
السّلام
هو الذي يسلم ذاته عن العيب والنقص ، وصفاته عن النقص (٢) ، وأفعاله عن الشرّ ، حتّى إذا كان كذلك لم يكن في الوجود سلامة إلّا وكانت معزوّة (٣) إليه ، صادرة منه. وقد فهمت أنّ أفعاله تعالى سالمة عن الشرّ المراد لذاته ـ لا لخير حاصل في ضمنه أعظم منه ـ
__________________
(١) ـ في هامش النسخة :
تو وطوبى وما وقامت يار |
|
فكر هركس به قدر همّت اوست |
(٢) ـ كذا. وفي المصدر : يسلم ذاته عن العيب وصفاته عن النقص.
(٣) ـ على هامش النسخة : أي منسوبة.