ضميره على معرفته
، ولم يشاهد قلبه اليقين بأنّه لا ندّ له ؛ وكانّه لم يسمع بتبرّي التابعين من
المتبوعين وهم يقولون : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا
لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) [٢٦ / ٩٧ ـ ٩٨].
فمن ساوى ربّنا
بشيء فقد عدل به ، والعادل به كافر بما تنزّلت به محكمات آياته ، ونطقت به شواهد حجج بيّناته ؛ لأنّه
الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهبّ فكرها مكيّفا ، وفي حواصل رويّات همم
النفوس محدودا مسرّفا ؛ المنشئ أصناف الأشياء بلا رويّة احتاج إليها ، ولا قريحة
غريزة أضمر عليها ، ولا تجربة أفادها من مرّ حوادث الدهور ، ولا شريك أعانه على
ابتداع عجائب الامور.
الذي لمّا شبّهه
العادلون بالخلق المنغصّ المحدود في صفاته ، ذي الأقطار والنواحي المختلفة في
طبقاته ـ وكان عزوجل الموجود بنفسه لا بآياته ـ انتفى أن يكون قدّروه حقّ قدره
، فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد ، وارتفاعا عن قياس المقدّرين له بالحدود
من كفرة العباد : (وَما قَدَرُوا اللهَ
حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [٣٩ / ٦٧].
فما دلّك القرآن
عليه من صفته ، فاتّبعه ليوصل بينك وبين معرفته وأتمّ به ، واستضئ بنور هدايته ،
فإنّها نعمة وحكمة اوتيتها ، فخذ ما اوتيت وكن من الشاكرين.
__________________