فصل [٢٢]
[استحالة معرفة كنه صفاته تعالى]
بل الحقّ أنّه كما لا يجوز لغيره سبحانه الإحاطة بمعرفة كنه ذاته تعالى ، فكذلك لا يجوز له الإحاطة بمعرفة كنه صفاته عزوجل ، وكلّ ما وصفه به العقلاء فإنّما هو على قدر أفهامهم وبحسب وسعهم ، فإنّهم إنّما يصفونه بالصفات التي ألفوها وشاهدوها في أنفسهم ، مع سلب النقائص الناشئة من انتسابها إليهم بنوع من المقايسة ، ولو ذكر لهم من صفاته عزوجل ما ليس لهم ما يناسبه بعض المناسبة ، لم يفهموه ؛ فتوصيفهم إيّاه سبحانه إنّما هو على قدرهم ، لا على قدره ؛ وبحسبهم ، ليس بحسبه ؛ جلّ جلاله عمّا يصفون ، وتعالى شأنه عمّا يقولون ، (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
كيف ، وقد قال سيّدنا ونبيّنا سيّد الخلائق وأشرف النبيّين ـ صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ـ (١) : «لا احصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك». وما أحسن ما قال مولانا الباقر عليهالسلام (٢) : «هل سمّي
__________________
(١) ـ مضى في الصفحة : ٥٤.
(٢) ـ لم أعثر على الرواية في الجوامع الروائية ـ وإن كان مضمونها يشهد بصدورها عن معادن الحكمة وأهل بيت الوحي ـ ولعل أقدم من استشهد بها الخواجة نصير الدين الطوسي ـ قدسسره ـ في رسالة شرح مسئلة العلم (المسألة الخامسة عشرة ، ٤٣) حيث قال : «... ونعم ما قال عالم من أهل بيت النبوة عليهمالسلام : هل يسمى قادرا ...». ونقل منه المحقق السيد الداماد في القبسات : أواخر القبس الثامن : ٣٤٣. والرواشح السماوية : ١٩. وقد نسبه الشيخ البهائي في شرح الأربعين (شرح الحديث الثاني : ٨١) إلى الباقر عليهالسلام.