متحيِّراً ، ولم
استفد فيها من علمي سوى أنني لا أعلم.
وقال سولون الحكيم : ليس من فضيلة العلم
سوى علمي بانِّي لا أعلم.
ومن استقصى كلمات حكماء اليونان وغيرهم
وجد لكلِّ واحد منهم مثل هذه الكلمات. والتشبُّع بهذه الروح السارية إلى متضلع في
الفضيلة ، متشبِّع بروح الفضيلة ، من علماء الاسلام وحكمائهم ، حتى قال الشافعي :
وَإذا ما ازدَدتُ عِلماً
|
|
زادَني عِلماً بِجَهلي
|
والرازي يقول :
نهايةُ إدراكِ العُقولِ عتالُ
|
|
وَغايَة سَعي العالَمينَ ضلالُ
|
وَلَمْ نَستَفدْ مِنْ بَحثِنا طولَ
عُمرِنا
|
|
سوى أن جَمعنا فيهِ قيلَ وقالوا
|
حين أنَّ علماء الغرب وكبار المخترعين
الذين حورَّوا الدنيا إلى هذا الشكل العجيب يعترفون بعدم وصولهم إلى حقائق الأشياء
، فهم وإنْ اخترعوا الكهرباء لا يعرفون حقيقتها ، هذا فضلاً عن الروح والنفس
والحياة ، وهذا مجال لا يأتى عليه الحصر.
فالانسان عريق بالجهل ، لصيق بالعجز
والحاجة ، ولا شقاء ولا بلية إلا وهي منبعثة اليه من ذلك ، وعقول البشر بالضرورة
غير كافية لرأب هذا الصدع ، ونأي هذا الثلم ، وسد هذا العوز ، فالعناية الأزلية
التي أوجدت هذه الخليقة لو تركتها على هذه الصفة تكون قد أساءت اليها بايجادها ، وما
احسنت الصنيع بنعمة الوجود عليها ، ولكان الاحرى لو تركتها في طوامر العدم ، وأطمار
الفناء ، ويكون ذلك نقضاً للحكمة ، وافساداً للنعمة.