المقيت؟ بل وأين تنتهي بنا سلسلة الأدلة المتوافرة في تحديد شخصية هذا الامام والوصي والخليفة؟
ولعل التسليم لمنطق الحق والصواب يقود الباحث عن الحقيقة إلى الاقرار الذي لا ريب فيه بانحصار الوصاية والخلافة بعلي بن أبي طالب عليهالسلام دون غيره ، وذلك جلي واضح لم يثبت قطعاً لغيره ، ولا حجة لمن ينيطها بغيره إلا مكابرة للحق ومعاندة له ، وهو مطالب بالدليل والبرهان على مدعاه هذا ، من الآخرين لا منّا ، لأنّا ندرك ذلك بوضوح ، وذلك الادراك الواضح هو الذي كان ولا يزال يدفع بالبعض ـ واقولها بمرارة ـ إلى التجنِّي والافتراء والتقوُّل على الشِّيعة ، بصحائف صفراء باهتة ومتغرِّبة عن الحق ، لا سمة علمية تتسم بها ، ولا حجة حقيقية تحتج بها ، فصرفوا أذهان البعض عن تلمُّس الحقيقة وادراكها بتلاحقهم في اثارة النقع وتكثيفه حول الأدلة والبراهين التي تحتج بها الشِّيعة منذ تلك الدهور التي بالغ فيها الامويون والعباسيون في بطشهم الرهيب ، وتنكليهم القاسي برجال الشَيعة ومفكريها ، حتى ضجت الأرض بمقابر من حضى منهم بقبر ، ناهيك عمَّن لا أثر له ولا ذكر (١).
__________________
(١) لقد بلغ تنكيل الحكّام بشيعة أهل البيت عليهمالسلام حداً يعجز عن تصويره القلم ، وفي وصفه اللسان ، لا لشيء يُتهمون به إلا ولائهم لبيت النبوة الطاهر ، ودفاعهم عن حريمه ... فاخذوهم على التهمة والظنة ، وتقصوهم تحت كلُّ حجر ومدر ، وشرَّدوهم في الاصقاع النائية بعد أنْ سملوا أعين العديد منهم ، وهتكوا اعراضهم ، وقتلوا الكثيرين منهم ، فملئوا حياة الباقين منهم رعباً وخوفاً ، ولوعة وحزناً ، وصبغوا حياتهم بالسواد دون رحمة أو شفقة.
نعم ذلك هو مصداق تعامل الكثير من اولئك الحكّام مع الشِّيعة ، لا مبالغة فيه ولا تهويل ، وأنا أدعو القارئ الكريم إلى استقراء ذلك من خلال مراجعته لكتب التاريخ المختلفة ، وأدعوه بالخصوص لمطالعة كتاب ( الشيعة والحاكمون ) للشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ، فقد تناول الكثير من دقائق هذه الأحداث بشكل علمي رصين.