رسول الله صلىاللهعليهوآله في حياته ـ بل وحتى وبعد وفاته ـ أذى من أحد قدر ما ناله من الأمويين ، حتى نبذهم المجتمع الاسلامي ودفعهم إلى الظل ، فانكفؤا في جحورهم كالسعالى يترقبون أنْ تدور على هذا الدين وأهله الدوائر ، أو يأتيهم الزمان بما عجزوا هم عن ادراكه ، وهو ما حدث حين تولى عثمان بن عفان سدة الخلافة الاسلامية ، حيث قفز الأُمويون الى قمة الهرم الاداري في الدولة الاسلامية ، وأطلقوا لأحلامهم الفاسدة العنان ، وعاثوا في الأرض فساداً ، والفضل في ذلك عليهم لعثمان وحده حيث فتح الباب ـ ألذي أوصده رسول الله صلىاللهعليهوآله في وجوههم ـ على مصراعيه أمام طموحهم المنحرف ، واغراضهم الخبيثة ، ولاغرو في ذلك فعثمان يعلن بصراحة على الملأ : أنْ لو كانت بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني اُمية!! (١) وكان صادقاً في قوله وفياً لتعهده (٢) حتى ضج المسلمون
__________________
(١) روى أحمد بن حنبل في مسنده (١ : ٦٢) عن عثمان بن عفان : أنَّه دعا جماعة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وفيهمِ عمّار بن ياسر ـ وقال لهم : إنَّي سائلكم وإنِّي أُحب أنْ تصدقوني ، نشدتكم الله أتعلمون أنَ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يؤثر قريشاً على سائر الناس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟
فسكت القوم ، فقال عثمان : لو أنَّ بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أُميَّة حتى يدخلوا من عند آخرهم!!
(٢) بلى فقد كانت أيادي عثمان بن عفان في بني أُمية لا حدود لها ، ممّا أثار ذلك عليه نقمة المسلمين ، لاسيّما وأنَّ هناك الكثير من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله الذين أدركوا وعاينوا الموقف العدائي لهذه الاسرة من الاسلام واهله ، بل ومن رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله الذي ما زالت كلماته وعباراته المحذِّرة للمسلمين من فساد هذه العائلة وانحرافها ، وجهدها الدؤوب قي تمزيق هذا الدين ، تتردد في آذانهم ، وتتجاوب معها نفوسهم ، ولذا فقد كان موقف الخليفة المخالف بشكل حاد لتلك الوصايا مصدر نقمة وغضب بدأت تعتمل في نفوس اولئك الصحابة ، ياججها اسراف الأمويين وتجاوزهم على حقوق المسلمين وتلاعبهم بها.
ولقد استعرض المؤرخون في كتبهم جوانب متفرقة من تلك الامور ، إلّا أنَّ أوسعها