قال : نعم ، دعوت ربّي عزوجل مرّتين ، فاستجاب لي ، فلن أدعو بعد ذلك ، فلعلّه ينقص من حسناتي أو يعجّل لي في الدّنيا.
ثمّ قال : ما حاجة المسلم إلى البخل والكذب (١)؟
وسمعته يقول : خرجت إلى آدم بن أبي إياس ، فتخلّفت عنّي نفقتي حتّى جعلت أتناول الحشيش ولا أخبر بذلك أحدا. فلمّا كان اليوم الثّالث أتاني آت لم أعرفه ، فناولني صرّة دنانير ، وقال : أنفق على نفسك (٢).
وسمعت سليم بن مجاهد يقول : ما رأيت بعيني منذ ستّين سنة أفقه ولا أروع ولا أزهد في الدّنيا من محمد بن إسماعيل ، رحمهالله (٣).
فصل في صفته وكرمه
قال ابن عديّ : سمعت الحسن بن الحسين يقول : رأيت محمد بن إسماعيل شيخا نحيف الجسم ليس بالطّويل ولا بالقصير.
وقال محمد بن أبي حاتم : دخل أبو عبد الله الحمّام بفربر ، وكنت أنا في مسلخ الحمّام أتعاهد ثيابه. فلمّا خرج ناولته ثيابه فلبسها ، ثمّ ناولته الحفّ ، فقال : مسست شيئا فيه شعر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. فقلت : في أيّ موضع هو من الخفّ؟
فلم يخبرني ، فتوهّمت أنّه في ساقه بين الظّهارة والبطانة (٤).
وكانت لأبي عبد الله قطعة أرض يكريها كلّ سنة سبعمائة درهم. وكان ذلك المكتري ربّما حمل منها إلى أبي عبد الله قثّاة أو قثّاءتين ، لأنّه كان معجبا بالقثّاء النّضيج ، وكان يؤثره على البطّيخ أحيانا ، فكان يهب للرجل مائة درهم كلّ سنة لحملة القثّاء إليه أحيانا (٥).
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٤٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٤٨ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٢٧ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٤٩ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٢٧ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨٦.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٥٣.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٤٩.