قضاء الشّرقيّة كثر من يطالبه بفكّ الحجر ، فدعا بالأمناء وقال : من كان له عندكم مال فليشتر له منه مرّا وزبيلا وليدّخر له. فإن أتلف ماله عمل بالمرّ والزّبيل (١).
وقال محمد بن خلف وكيع (٢) : كان الخلنجي ابن أخت علّويه المغني.
وكان تيّاها صلفا. ولي القضاء فكان يجلس إلى أصطوانة (٣) بالمسجد يستند إليها فلا يتحرّك ، فإذا تقدّم الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد. فعمد ماجن إلى الأصطوانة فطلاها بدبق ، فجاء فجلس واستند ، فالتصقت دنيّته وتمكّنت ، فلمّا تقدّم إليه الخصوم وأقبل عليهم ببدنه انكشف رأسه ، وبقيت الدّنيّة مصلوبة ، فقام مغضبا وغطّى (٤) رأسه بطيلسانه ، وعلم أنّها حيلة. وترك الدّنيّة ملصقة ، فعملوا فيه أبياتا.
قال ابن كامل : توفّي سنة ثلاث وخمسين.
قلت : الدنيّة مشتقّة من الدّنّ ، شبّهوها به وهي طول نصف ذراع أو أكثر ، وفيها شبه بالشّربوش. وكان يلبسها القضاة والولاة وغيرهم. وتعمل من ورق على قضبان دقاق ، وتسمّى الطّويلة أيضا.
وكان أبو جعفر المنصور أخرجها ، وأخرج لهم المناطق ، وهي الحياصة ، فيها السّيف.
وقد لبس أبو دلامة هذا الزّيّ فقيل له : كيف حالك؟ فقال : ما حال من وجهه إلى نصفه وسيفه عند استه ، وقد نبذ كلام الله وراء ظهره!.
قلت : كانوا يعملون الطّراز فيه : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٥) ويصنعونه من الكتف إلى الكتف كعادة كرز الرّوميّين.
وقيل : بل كان طول الدّنيّة ذراع وباطنها خلو.
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٠ / ٧٤ ، والمرّ : الحبل والمسحاة. والزبيل ـ كأمير ـ القفّة. (القاموس المحيط للفيروزابادي).
(٢) في أخبار القضاة ٣ / ٣٢٤.
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) في الأصل : «وغطا».
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٣٧.