قلت : وعزّتك لا مددتها (١).
وقال أبو بكر الحربيّ : سمعت السّريّ يقول : حمدت الله مرّة ، فأنا أستغفر الله من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة.
قيل : وكيف ذاك؟
قال : كان لي دكّان فيه متاع ، فاحترق السّوق ، فلقيني رجل فقال : ابشر ، دكّانك سلمت. فقلت : الحمد لله. ثمّ إني فكّرت فرأيتها خطيئة (٢).
وقيل : إنّ السّريّ رأى جارية سقط من يدها إناء فانكسر ، فأخذ من دكّانه إناء ، فأعطاها عوض المكسور. فرآه معروف فقال : بغّض الله إليك الدّنيا.
قال سريّ : هذا الّذي أنا فيه من بركات معروف (٣).
وقال الجنيد : سمعت سريّا يقول : أشتهي منذ ثلاثين سنة جزرة أغمسها في دبس وآكلها ، فما تصحّ لي (٤).
وسمعت السّريّ يقول : أحبّ أن آكل أكلة ليس لله عليّ فيها تبعة ، ولا لمخلوق فيها منّة ، فما أجد إلى ذلك سبيلا (٥).
ودخلت عليه وهو يجود بنفسه ، فقلت : أوصني.
قال : لا تصحب الأشرار ، ولا تشغلنّ عن الله بمجالسة الأخيار (٦).
وقال الفرجانيّ : سمعت الجنيد يقول : ما رأيت أعبد الله من السّريّ ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رئي مضطجعا إلّا في علّة الموت (٧).
وقال الجنيد : سمعت السّريّ يقول : إنّي لأنظر إلى أنفي كلّ يوم مرارا مخافة أن يكون وجهي قد اسودّ (٨).
وسمعته يقول : ما أحبّ أن أموت حيث أعرف. أخاف أن لا تقبلني الأرض فأفتضح (٩).
__________________
(١) حلية الأولياء ١٠ / ١٢ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٨٧.
(٢) تاريخ بغداد ٩ / ١٨٨.
(٣) تاريخ بغداد ٩ / ١٨٨ ، صفة الصفوة ٢ / ٣٧١.
(٤) حلية الأولياء ١٠ / ١١٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٩٠.
(٥) حلية الأولياء ١٠ / ١١٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٩٠ ، صفة الصفوة ٢ / ٣٧٧.
(٦) حلية الأولياء ١٠ / ١٢٥ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٩٠ ، صفة الصفوة ٢ / ٣٨٥.
(٧) صفة الصفوة ٢ / ٣٨٢.
(٨) صفة الصفوة ٨٣٧٦٢.
(٩) حلية الأولياء ١٠ / ١١٦ ، صفة الصفوة ٢ / ٣٧٦.