يحيى بن عروة ، عن أبيه ، عن عمه عبد الله بن عروة ، قال : ألحت السنة على نابغة بني جعدة ، فدخل على ابن الزبير في المسجد الحرام فأنشده :
حكيت لنا الصّدّيق لمّا وليتنا |
|
وعثمان والفاروق فارتاح معدم |
وسوّيت بين النّاس في الحقّ فاستووا |
|
فعاد صباحا حالك اللّيل مظلم |
أتاك أبو ليلى تجوب به الدّجى |
|
دجى اللّيل جوّاب الفلاة عرمرم (١) |
لتجبر منه جانبا دعدعت به |
|
صروف اللّيالي والزّمان المصمّم |
[الطويل]
فقال ابن الزّبير : هوّن عليك يا أبا ليلى ، فإن الشّعر أيسر وسائلك عندنا ، لك في مال الله حقّان : حقّ لرؤيتك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحقّ لشركتك أهل الإسلام في فيئهم ، ثم أخذه بيده فدخل به دار النّعم ، وأعطاه سبع قلائص وحملا وخيلا ، وأوقر الركاب برّا وتمرا وثيابا ، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحبّ صرفا ، فقال ابن الزبير : ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد. فقال النّابغة : أشهد لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ما وليت قريش فعدلت ، واسترحمت فرحمت ، وحدّثت فصدقت ، ووعدت خيرا فأنجزت ، فأنا والنبيون فرّاط التابعين (٢).
وقد وقع لنا عاليا جدّا من حديث ابن الزّبير موافقة ، قرأت على فاطمة بنت محمد بن المنجي بدمشق ، عن سليمان بن حمزة ، أنبأنا محمود بن إبراهيم في كتابه ، أنبأنا مسعود بن الحسن ، أنبأنا أبو بكر السمسار ، أنبأنا أبو إسحاق بن خرشة ، أنبأنا أبو الحسن المخزومي ، حدّثنا الزّبير بن بكّار بن بتمامه.
وأخرجه ابن جرير في تاريخه ، عن ابن أبي خيثمة. وأخرجه أبو الفرج الأصبهانيّ في الأغاني عن ابن جرير. وأخرجه ابن أبي عمر في مسندة عن هارون. وأخرجه ابن السكن عن محمد بن إبراهيم الأنماطيّ ، والطّبرانيّ في الصّغير عن حسين بن الفهم ، وأبو الفجر الأصبهانيّ عن حرمي بن العلاء ، ثلاثتهم عن الزّبير ، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرج أبو نعيم عن الطّبرانيّ طرفا منه.
__________________
(١) انظر الأغاني ٥ / ٢٨ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ١٧٨.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ١٨ / ٣٦٥ وأورده ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم ٢٠٥٦ والهيثمي في الزوائد ١٠ / ٢٨ ، عن عبد الله بن عروة بن الزبير بزيادة في أول الحديث قال الهيثمي رواه الطبراني وفيه راو لم أعرفه ورجال مختلف فيهم وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٣٨٢٧ ، ٣٣٨٢٨ ، ٣٧٩٨٦.