وأخرج من طريق اللّيث ، عن عبد الكريم بن الحارث الحضرميّ ـ أن ابن أبي حذيفة كان يكتب الكتب على ألسنة أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الطّعن على عثمان ، كان يأخذ الرواحل فيحصرها ، ثم يأخذ الرجال الذين يريد أن يبعث بذلك معهم ، فيجعلهم ، على ظهور بيت في الحر ، فيستقبلون بوجوههم الشمس ليلوّحهم تلويح المسافر ، ثم يأمرهم أن يخرجوا إلى طريق المدينة ، ثم يرسلوا رسلا يخبروا بقدومهم ، فيأمر بتلقيهم ، فإذا لقوا الناس قالوا لهم : ليس عندنا خبر ، الخبر في الكتب ، فيتلقاهم ابن أبي حذيفة ، ومعه الناس ، فيقول لهم الرسل : عليكم بالمسجد ، فيقرأ عليهم الكتب من أمهات المؤمنين : إنا نشكو إليكم يا أهل الإسلام كذا وكذا ... من الطّعن على عثمان ، فيضجّ أهل المسجد بالبكاء والدعاء.
ثم روى من طريق ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : بايع أهل مصر محمد بن أبي حذيفة بالإمارة إلا عصابة منهم معاوية بن حديج وبسر بن أرطاة ، فقدم عبد الله بن سعد حتى إذا بلغ القلزم وجد هناك خيلا لابن أبي حذيفة ، فمنعوه أن يدخل ، فانصرف إلى عسقلان ، ثم جهز ابن أبي حذيفة الذين ثاروا على عثمان وحاصروه إلى أن كان من قتله ما كان ، فلما علم بذلك من امتنع من مبايعة ابن أبي حذيفة اجتمعوا وتبايعوا على الطّلب بدمه ، فسار بهم معاوية بن حديج إلى الصعيد ، فأرسل إليهم ابن أبي حذيفة جيشا آخر ، فالتقوا ، فقتل قائد الجيش ، ثم كان من مسير معاوية بن أبي سفيان إلى مصر لما أراد المسير إلى صفّين ، فرأى ألّا يترك أهل مصر مع ابن أبي حذيفة خلفه ، فسار إليهم في عسكر كثيف ، فخرج إليهم ابن أبي حذيفة في أهل مصر ، فمنعوه من دخول الفسطاط ، فأرسل إليهم : إنا لا نريد قتال أحد ، وإنما نطلب قتلة عثمان ، فدار الكلام بينهم في الموادعة ، و؟ استخلف ابن أبي حذيفة على مصر الحكم بن الصّلت بن مخزمة بن المطّلب بن عبد مناف ، وخرج مع جماعة منهم : عبد الرحمن بن عديسى ، وكنانة بن بشر ، وأبو شمر بن أبرهة بن الصباح ، فلما بلغوا به غدر بهم عسكر معاوية وسجنوهم إلى أن قتلوا بعد ذلك.
وذكر أبو أحمد الحاكم أن محمد بن أبي حذيفة لما ضبط مصر ، وأراد معاوية الخروج إلى صفّين بدأ ب «مصر» أولا فقاتله محمد بن أبي حذيفة بالعريش إلى أن تصالحا ، وطلب منه معاوية ناسا يكونون تحت يده رهنا ليأمن جانبهم إذا خرج إلى صفّين ، فأخرج محمد رهنا عدّتهم ثلاثون نفسا ، فأحيط بهم وهو فيهم فسجنوا.
وقال أبو أحمد الحاكم : خدع معاوية محمد بن أبي حذيفة حتى خرج إلى العريش في ثلاثين نفسا ، فحاصره ونصب عليه المنجنيق ، حتى نزل على صلح ، فحبس ثم قتل.
وأخرج ابن عائذ من طريق ابن لهيعة ، عن يزيد بن حبيب ، قال : فرّقهم معاوية