قد عرفت أنّ العلم
إمّا تصوّر وإمّا تصديق ، وكلّ واحد منهما إمّا ضروري وإمّا كسبي. فالضروري
من التصوّرات ما لا يتوقّف على طلب وكسب ، كتصوّر الحرارة والبرودة وغيرهما.
والكسبي ما يتوقّف ، كتصوّر الملك والجنّ وغيرهما.
والضروري من
التصديقات ما يكفي في حصوله تصوّر الطرفين. والكسبي ما يفتقر معهما إلى وسط.
والعلم التصديقي
يطلق بالحقيقة على الجامع لامور ثلاثة : الجزم ، والمطابقة ، والثبات ؛ وبالمجاز
على مطلق الاعتقاد الشامل للعلم ، والتقليد والجهل المركّب ، والظنّ.
والزيادة في العلم
بالمعنى الحقيقي إنّما تتحقّق باعتبار المتعلّقات ، أمّا بمعنى التعلّقات فلا ،
لأنّ الزيادة إنّما تتحقّق مع تحقّق التفاوت ، ولا يتحقّق التفاوت في الأطراف ،
لأنّ طرف الشيء نهايته ، والنهاية لا تقبل القسمة ، وإلّا لكان الآخر من القسمين هو الطرف ، لا الأوّل ، وإنّما يتحقّق في
الأوساط لتعدّد المراتب فيها.
نعم قد يمكن بوجه
من الاعتبار حصول الزيادة فيها باعتبار الخفاء والجلاء في التصوّرات الّتي
تضمّنتها التصديقات ، ولكن ذلك في الحقيقة راجع إلى زيادة المتعلّقات ، لأنّ
التصوّرات متعلّقة بالمتصوّرات ، فزيادتها ونقصانها ممكن لقبولها الشدّة والضعف ؛
فالتصوّر بالحدّ الحقيقي أشدّ (من التصوّر بالحدّ الناقص ، والتصوّر بالحدّ الناقص
أشدّ) من التصوّر بالرسوم ، والتصوّرات
__________________