قد عرفت أنّ العلم إمّا تصوّر وإمّا (١) تصديق ، وكلّ واحد منهما إمّا ضروري وإمّا كسبي. فالضروري من التصوّرات ما لا يتوقّف على طلب وكسب ، كتصوّر الحرارة والبرودة وغيرهما. والكسبي ما يتوقّف ، كتصوّر الملك والجنّ وغيرهما.
والضروري من التصديقات ما يكفي في حصوله تصوّر الطرفين. والكسبي ما يفتقر معهما إلى وسط.
والعلم التصديقي يطلق بالحقيقة على الجامع لامور ثلاثة : الجزم ، والمطابقة ، والثبات ؛ وبالمجاز على مطلق الاعتقاد الشامل للعلم ، والتقليد (٢) والجهل المركّب ، والظنّ.
والزيادة في العلم بالمعنى الحقيقي إنّما تتحقّق باعتبار المتعلّقات ، أمّا بمعنى التعلّقات فلا ، لأنّ الزيادة إنّما تتحقّق مع تحقّق التفاوت ، ولا يتحقّق التفاوت في الأطراف ، لأنّ طرف الشيء نهايته ، والنهاية لا تقبل القسمة ، وإلّا لكان الآخر (٣) من القسمين هو الطرف ، لا الأوّل ، وإنّما يتحقّق في الأوساط لتعدّد المراتب فيها.
نعم قد يمكن بوجه من الاعتبار حصول الزيادة فيها باعتبار الخفاء والجلاء في التصوّرات الّتي تضمّنتها التصديقات ، ولكن ذلك في الحقيقة راجع إلى زيادة المتعلّقات ، لأنّ التصوّرات متعلّقة بالمتصوّرات ، فزيادتها ونقصانها ممكن لقبولها الشدّة والضعف ؛ فالتصوّر بالحدّ الحقيقي أشدّ (من التصوّر بالحدّ الناقص ، والتصوّر بالحدّ الناقص أشدّ) (٤) من التصوّر بالرسوم ، والتصوّرات
__________________
(١) في «ش» و «ل» : أو.
(٢) في الأصل : التقييد ، تصحيف.
(٣) في «ش» و «ل» : الأخير.
(٤) ما بين القوسين سقط من الأصل.