العلم إمّا تصوّر ، وهو عبارة عن حصول صورة الشيء في العقل مطلقا من غير حكم بنفي أو إثبات ، وذلك لا يدخله اليقين ومقابله ، ولا الصواب ومقابله.
وإمّا تصديق ، وهو الحكم بمتصوّر على آخر إمّا بالنفي أو الإثبات ؛ وهذا الحكم اعتقاد تفعله النّفس عند وجود سببه ، وهو إمّا تصوّر الطرفين لا غير ، وهذا النوع أقوى أنواع اليقين ، وهي «الأوّليّات» (١) كالحكم بأنّ النفي والإثبات لا يجتمعان ، وأنّ الكلّ أعظم من الجزء ، وأنّ الأشياء المساوية لشيء واحد (٢) متساوية.
وإمّا الاستعانة بالحواس ، إمّا الظاهرة وهي «المحسوسات» كالحكم بأنّ النّار حارّة ، والشمس مضيئة ، والعسل حلو ؛ أو (٣) الباطنة ، وهي «الوجدانيات» ، كالحكم بالجوع ، والشبع ، واللذّة ، وغيرها من قوى الحسّ الباطن.
وإمّا الاستعانة بتكرّر الإحساس بوقوع (٤) أمر عند غيره إلى أن يحصل الجزم بكونه سببا ، إمّا مع جهل السبب (٥) بل تعتقد النّفس أنّه لو لا اشتمال المقارن على علّيّة ما (٦) لم يكن دائما ، ولا أكثريّا ، وهي «المجرّبات» ، كالحكم بأنّ السّقمونيا مسهل للصفراء.
أو مع علم السبب ، وهي «الحدسيّات» ، كالحكم بأنّ نور القمر مستفاد من الشمس ، حيث أدركت النّفس اختلاف التشكّلات بحسب اختلاف هيئات
__________________
(١) وتسمّى أيضا البديهيّات.
(٢) في «ش» زيادة : بعينه.
(٣) في «م» : وامّا.
(٤) في الأصل : لوقوع.
(٥) أي جهل السبب ماهيّة ، وإلّا فهو معلوم السببيّة ، بخلاف الحدسيّات فإنّ السبب فيها معلوم بالاعتبارين.
(٦) في النسختين الآخرتين : علّته ، تصحيف.