الوعيد» لأنّه يكون ظلما من الله تعالى ، والله منزّه عنه ، وكما أنّه يسقط الثّواب والعقاب ، والوعد والوعيد على خلق الأجسام والأعراض الّتي لا يقدر عليها إلّا الله تعالى ، كذا يجب أن يسقط ذلك على خلق الطّاعة والمعصية الصادرين عن الله تعالى ، ولكن لمّا ثبت الوعد والوعيد ، والثّواب والعقاب ، دلّ على بطلان القول بالقضاء اللّازم.
ثمّ انظر إلى قوله عليهالسلام : «أمر عباده تخييرا ، ونهاهم تحذيرا» والله تعالى لم يقهر عباده على فعل الطّاعة ، ولا على اجتناب المعصية ، إذ لو كان كذلك لبطل التكليف ، وكان الفعل مستندا إلى الله تعالى ، بل أمر عباده أن يوقعوا الفعل على اختيارهم وإرادتهم ، فإن فعلوه أثابهم ، وإن تركوه عاقبهم ، وكذا حذّرهم في النّهي إنّهم متى فعلوا المنهيّ عنه عذّبهم.
ثمّ إلى قوله : «وكلّف يسيرا ولم يكلّف عسيرا» وهو مبطل قواعد المجبّرة الّذين قالوا إنّ الله تعالى كلّف عباده بالمحال وبما لا قدرة لهم عليه ، وأيّ يسر في ذلك ، وأيّ عسر أعظم منه؟
ثمّ إلى قوله عليهالسلام : «ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها» فإنّه يبطل قواعدهم أيضا ، فإنّه لا يلزم من المعصية الصادرة عن العباد ، مع أنّه تعالى لم يردها منهم كونه مغلوبا ، لأنّه تعالى إنّما يكون مغلوبا لو لم يتمكّن من فعل ضدّ إرادتهم ، لكنّه تعالى متمكّن قادر عليه ، وإنّما لم يفعله لأنّه أراد إيقاع الفعل من العبد على جهة الاختيار.
ثمّ انظر إلى قوله عليهالسلام : «ولم يرسل الأنبياء لغوا ، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا ، ولا خلق السّماوات والأرض وما بينهما باطلا» كما قال تعالى فإنّه مبطل لقواعدهم أيضا ، حيث يقولون إنّه تعالى لا يفعل لغرض ، ولا لمصلحة ، ولا