ذنب للظّالم في
ظلمه إذا كان من فعله تعالى ، وكيف يحسن منه لعنته وأمر العباد بها؟
الثّالث عشر :
إنّه يلزم من مذهب
الأشاعرة هنا عدم التديّن بشيء من الشّرائع والأديان ، لا بدين الإسلام ، ولا
بغيره من شرائع الأنبياء السّالفين لأنّ مبنى الأديان على صدق الأنبياء عليهمالسلام وإنّما يتمّ صدق النّبي بمقدّمتين لا يذهب إليهما الأشاعرة
: إحداهما أنّ الله تعالى فعل المعجز على يد مدّعي الرّسالة لأجل تصديقه ولغرض
صحّة دعواه ؛ والثّانية أنّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق.
أمّا
المقدّمة الاولى : فاستعمل فيه قياس الغائب على الشّاهد ، وقالوا : لو أنّ شخصا ادّعى أنّه
رسول السّلطان إلى رعيّته ، ثمّ قال : أيّها السّلطان إن كنت رسولك حقّا فانزع
خاتمك من إصبعك ، فنزع السّلطان خاتمه من إصبعه وكرّر ذلك مرارا ، فإنّ الحاضرين
إن علموا أنّ السّلطان نزع خاتمه لغرض تصديقه حكموا بأنّه قد أرسله إلى الرّعيّة ،
وإن علموا أنّه نزعه للرّاحة أو للعبث أو لأمر آخر أو لا لغرض فإنّه لا يحكمون
بأنّه قد صدّقه ، وكذلك النّبي إذا ظهر وادّعى الرّسالة ، وخلق الله المعجز على يده
، إن علم النّاس أنّه تعالى لم يفعل ذلك لغرض تصديقه لم يحكموا بصدقه ، وإلّا
حكموا بصدقه ، والأشاعرة منعوا هذه المقدّمة وقالوا إنّ الله تعالى لا يجوز أن
يفعل شيئا من الأفعال لغرض البتّة ، فكيف يتحقّق حينئذ العلم بصدق مدّعي الرّسالة؟
أمّا
المقدّمة الثانية : فإنّ المعتزلة التجئوا فيها إلى حكم العقل من قبح
__________________