وقوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) قال كانوا رجالا أجمل شيء (١) ، وقد رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث زهير ورواه البخاري أيضا والترمذي من حديث إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي عن زيد به.
[طريق أخرى عن زيد] قال أبو عيسى الترمذي (٢) : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي سعيد الأزدي ، قال : حدثنا زيد بن أرقم قال : غزونا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان معنا أناس من الأعراب ، فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقوننا إليه فسبق أعرابي أصحابه ليملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه ، قال : فأتى رجل من الأنصار الأعرابي فأرخى زمام ناقته لتشرب ، فأبى أن يدعه فانتزع حجرا ففاض الماء ، فرفع الأعرابي خشبته فضرب بها رأس الأنصاري فشجه ، فأتى عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره ، وكان من أصحابه فغضب عبد الله بن أبي ثم قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ، يعني الأعراب ، وكانوا يحضرون رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند الطعام ، فقال عبد الله لأصحابه : إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمدا بالطعام فليأكل هو ومن معه ، ثم قال لأصحابه : لئن رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل.
قال زيد وأنا ردف عمي ، قال فسمعت عبد الله بن أبي يقول ما قال ، فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأرسل إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحلف وجحد ، قال فصدقه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وكذبني ، قال فجاء إلي عمي فقال ما أردت إلا أن مقتك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكذبك والمسلمون ، قال فوقع علي من الغم ما لم يقع على أحد قط ، قال فبينما أنا أسير مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر ، وقد خفقت برأسي من الهم ، إذ أتاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعرك أذني وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا ، ثم إن أبا بكر لحقني وقال : ما قال لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قلت : ما قال شيئا إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي ، فقال : أبشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر ، فلما أن أصبحنا قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة المنافقين.
انفرد بإخراجه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح. وهكذا رواه الحافظ البيهقي عن الحاكم عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي عن سعيد بن مسعود عن عبيد الله بن موسى به ، وزاد بعد قوله سورة المنافقين (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) ـ حتى بلغ ـ (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) ـ حتى بلغ ـ (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ).
وقد روى عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير في المغازي ، وكذا ذكر
__________________
(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٦٣ ، باب ١ ، ٢ ، ٣ ، ومسلم في المنافقين حديث ١.
(٢) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٦٣ ، باب ١.