[المدثر : ٤٣ ـ ٤٧].
وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أم العلاء امرأة من الأنصار أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات ، قالت أم العلاء : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وما يدريك أن الله أكرمه؟» فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، فمن؟ فقال : «أما هو فقد جاءه اليقين ، وإني لأرجو له الخير» (١) ويستدل بهذه الآية الكريمة وهي قوله : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا ، فيصلي بحسب حاله.
كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب» (٢) ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة ، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم ، وهذا كفر وضلال وجهل ، فإن الأنبياء عليهمالسلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته ، وما يستحق من التعظيم ، وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة ، وإنما المراد باليقين هاهنا الموت ، كما قدمناه ، ولله الحمد والمنة ، والحمد لله على الهداية وعليه الاستعانة والتوكل ، وهو المسؤول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها ، فإنه جواد كريم.
آخر تفسير سورة الحجر ، والحمد لله رب العالمين.
__________________
(١) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٣ ، وأحمد في المسند ٦ / ٤٣٦.
(٢) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٢٠.