وقال هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : ثلاث وثمانون سنة ، وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، فغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ، فمات وله عشرون ومائة سنة ، وقال قتادة : كان بينهما خمس وثلاثون سنة. وقال محمد بن إسحاق : ذكر ـ والله أعلم ـ أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثماني عشرة سنة ، قال : وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها ، وأن يعقوب عليهالسلام بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة ، ثم قبضه الله إليه. وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : دخل بنو إسرائيل مصر وهم ثلاثة وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا ، وقال أبو إسحاق ، عن مسروق : دخلوا وهم ثلاثمائة وتسعون بين رجل وامرأة ، فالله أعلم. وقال موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شداد : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر وهم ستة وثمانون إنسانا : صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف ونيف.
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (١٠١)
هذا دعاء من يوسف الصديق ، دعا به ربه عزوجل لما تمت نعمة الله عليه باجتماعه بأبويه وإخوته ، وما منّ الله به عليه من النبوة والملك سأل ربه عزوجل كما أتم نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في الآخرة ، وأن يتوفاه مسلما حين يتوفاه ، قاله الضحاك : وأن يلحقه بالصالحين وهم إخوانه من النبيين والمرسلين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وهذا الدعاء يحتمل أن يوسف عليهالسلام ، قاله عند احتضاره ، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعل يرفع إصبعه عند الموت ويقول : «اللهم في الرفيق الأعلى» (١) ثلاثا ، ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا جاء أجله ، وانقضى عمره ، لا أنه سأله ذلك منجزا كما يقول الداعي لغيره : أماتك الله على الإسلام ، ويقول الداعي : اللهم أحينا مسلمين ، وتوفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، ويحتمل أنه سأل ذلك منجزا ، وكان ذلك سائغا في ملتهم ، كما قال قتادة قوله : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) لما جمع الله شمله وأقر عينه ، وهو يومئذ مغمور في الدنيا وملكها ونضارتها ، اشتاق إلى الصالحين قبله.
وكان ابن عباس يقول : ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف عليهالسلام ، وكذا ذكر ابن
__________________
(١) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة ، باب ٥ ، ومسلم في السلام حديث ٤٦.