عبد الله بن ثابت : فقلت له : ألا ترى ما بوجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا. قال : فسري عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «والذي نفس محمد بيده ، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين».
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال : كنت جالسا عند عمر إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال : نعم. قال : وأنت النازل بالسوس (١)؟ قال : نعم ، فضربه بقناة معه ، قال : فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر : اجلس فجلس ، فقرأ عليه (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ـ إلى قوله ـ لَمِنَ الْغافِلِينَ) فقرأها عليه ثلاثا ، وضربه ثلاثا ، فقال له الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال. قال : مرني بأمرك أتبعه ، قال : انطلق فامحه بالحميم (٢) والصوف الأبيض ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة (٣).
ثم قال ، له اجلس فجلس بين يديه ، فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما هذا في يدك يا عمر؟» قال : قلت : يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم الله صلىاللهعليهوسلم؟ السلاح السلاح ، فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي اختصارا ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية ، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون».
قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبك رسولا ، ثم نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق به وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ، وقد ضعفوه وشيخه. قال البخاري : لا يصح حديثه.
قلت : وقد روي له شاهد من وجه آخر ، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم
__________________
(١) السوس : بلدة بخوزستان ، وجد فيها دانيال ، فدفن في نهرها تحت الماء ، وغمر قبره ، وموضعه ظاهر يزار.
(٢) الحميم : الماء الحار.
(٣) أنهكه عقوبة : أي بالغ في عقوبته.