يحل لنا منها؟ قال «يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله ، فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه» ثم قال «ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك» قلت : وإن قتل؟ قال «وإن قتل ما لم يأكل» قلت : يا رسول الله ، وإن خالطت كلابنا كلابا غيرها؟ قال «فلا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك». قال : قلت : إنا قوم نرمي فما يحل لنا؟ قال «ما ذكرت اسم الله عليه وخزقت فكل». فوجه الدلالة لهم أنه اشترط في الكلب أن لا يأكل ، ولم يشترط ذلك في البزاة ، فدل على التفرقة بينهما في الحكم ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) أي عند إرساله له كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم لعدي بن حاتم «إذا أرسلت كلبك المعلم ، وذكرت اسم الله ، فكل ما أمسك عليك» وفي حديث أبي ثعلبة المخرج في الصحيحين أيضا «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله ، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله» ولهذا اشترط من اشترط من الأئمة كالإمام أحمد رحمهالله في المشهور عنه ، التسمية عند إرسال الكلب ، والرمي بالسهم ، لهذه الآية وهذا الحديث ، وهذا القول هو المشهور عن الجمهور أن المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الإرسال كما قال السدي وغيره ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) يقول : إذا أرسلت جارحك فقل : باسم الله ، وإن نسيت فلا حرج (١) ، وقال بعض الناس : المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم علم ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال «سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك» (٢). وفي صحيح البخاري عن عائشة أنهم قالوا : يا رسول الله ، إن قوما يأتوننا حديث عهدهم بكفر بلحمان لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا؟ فقال «سموا الله أنتم وكلوا» (٣).
حديث آخر ـ وقال الإمام أحمد (٤) : حدثنا يزيد ، حدثنا هشام عن بديل ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عائشة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه ، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «أما إنه لو كان ذكر اسم الله لكفاكم ، فإذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله ، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله ، فليقل : بسم الله أوله وآخره» ، وهكذا رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يزيد بن هارون به ، وهذا منقطع بين عبد الله بن عبيد بن عمير وعائشة فإنه لم يسمع منها هذا الحديث بدليل ما رواه الإمام
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٤٣٩.
(٢) صحيح البخاري (أطعمة باب ٢) وصحيح مسلم (أشربة حديث ١٠٨)
(٣) صحيح البخاري (توحيد باب ١٣)
(٤) مسند أحمد ٦ / ١٤٣.