قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير القرآن العظيم [ ج ٣ ]

191/495
*

به (١) ، كذا روى الوالبي عنه ، وهكذا قال مقاتل بن حيان ، فقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) نصب على الإغراء ، (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي فيجازي كل عامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، وليس فيها دليل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إذا كان فعل ذلك ممكنا.

وقد قال الإمام أحمد (٢) رحمه‌الله : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا زهير يعني ابن معاوية ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، حدثنا قيس قال : قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وإنكم تضعونها على غير موضعها ، وإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه ، يوشك الله عزوجل أن يعمهم بعقابه». قال: وسمعت أبا بكر يقول : يا أيها الناس إياكم والكذب ، فإن الكذب مجانب للإيمان ، وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة ، وابن حبان في صحيحه ، وغيرهم من طرق كثيرة عن جماعة كثيرة ، عن إسماعيل بن أبي خالد به ، متصلا مرفوعا ، ومنهم من رواه عنه به موقوفا على الصديق ، وقد رجح رفعه الدار قطني وغيره ، وذكرنا طرقه والكلام عليه مطولا في مسند الصديق رضي الله عنه.

وقال أبو عيسى الترمذي (٣) : حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا عتبة بن أبي حكيم ، حدثنا عمرو بن جارية اللخمي عن أبي أمية الشعباني قال : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية؟ قال : أية آية؟ قلت : قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال «بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخاصة نفسك ، ودع العوام ، فإن من ورائكم أياما ، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم» قال عبد الله بن المبارك : وزاد غير عتبة ، قيل : يا رسول الله ، أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال «بل أجر خمسين منكم». ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح ، وكذا رواه أبو داود من طريق ابن المبارك ، ورواه ابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن عتبة بن أبي حكيم.

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الحسن أن ابن مسعود رضي الله عنه ، سأله رجل عن قول الله (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ، فقال : إن هذا ليس بزمانها ، إنها

__________________

(١) الأثر في تفسير الطبري ٥ / ٩٧.

(٢) مسند أحمد ١ / ٥.

(٣) سنن الترمذي (تفسير سورة المائدة باب ١٨)