إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٨١)
يخبر تعالى أنه لعن الكافرين من بني إسرائيل من دهر طويل فيما أنزله على داود نبيهعليهالسلام ، وعلى لسان عيسى ابن مريم ، بسبب عصيانهم لله واعتدائهم على خلقه. قال العوفي ، عن ابن عباس : لعنوا في التوراة والإنجيل وفي الزبور وفي الفرقان ، ثم بين حالهم فيما كانوا يعتمدونه في زمانهم ، فقال تعالى (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) أي كان لا ينهى أحد منهم أحدا عن ارتكاب المآثم والمحارم ، ثم ذمهم على ذلك ليحذر أن يرتكب مثل الذي ارتكبوه ، فقال : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ).
وقال الإمام أحمد (١) رحمهالله : حدثنا يزيد. حدثنا شريك بن عبد الله عن علي بن بذيمة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي ، نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا : فجالسوهم في مجالسهم» قال يزيد : وأحسبه قال : «وأسواقهم ، وواكلوهم وشاربوهم ، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ، (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم متكئا ، فجلس فقال «لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا» (٢).
وقال أبو داود (٣) : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا يونس بن راشد عن علي بن بذيمة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا اتق الله ودع ما تصنع ، فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ـ ثم قال ـ : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) إلى قوله (فاسِقُونَ) ـ ثم قال ـ : كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد الظالم ، ولتأطرنه على الحق أطرا ، أو تقصرنه على الحق قصرا» ، وكذا رواه الترمذي وابن ماجة من طريق علي بن بذيمة به ، وقال الترمذي : حسن غريب ، ثم رواه هو وابن ماجة عن پندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن علي بن بذيمة ، عن أبي عبيدة مرسلا.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، وهارون بن إسحاق الهمداني ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن سالم الأفطس ، عن ابن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الرجل
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ٣٩١.
(٢) أصل الأطر العطف والتثنّي : أي لتردوهم إلى الحق وتعطفوهم عليه.
(٣) سنن أبي داود (ملاحم باب ١٧)