عمر الشام فتلقاه أمراء الأجناد ، فقال : أين أخي أبو عبيدة؟ فقالوا : يأتي الآن. فجاء على ناقة مخطومة بحبل ، فسلم عليه وساء له حتى أتى منزله ، فلم نر فيه شيئا إلا سيفه وترسه ورحله. فقال له عمر : لو اتخذت متاعا؟ قال : يا أمير المؤمنين ، إن هذا يبلغنا المقيل.
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند مرسل أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر ، فيقول : ألا رب مبيّض لثيابه وهو مدنس لدينه ، ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين ، غدا ادفعوا السيئات القديمات بالحسنات الحادثات.
وأخرج ابن أبي الدّنيا بسند جيد ، عن ثابت البناني ، قال : كان أبو عبيدة أميرا على الشام فخطب فقال : والله ما منكم أحد يفضلني بتقى إلا وددت أني في سلامة.
وأخرج الحاكم في «المستدرك» من طريق عبد الملك بن نوفل بن مساحق ، عن أبي سعيد المقبريّ ، قال : لنا طعن أبو عبيدة ، قالوا : يا معاذ ، صلّ بالناس. فصلّى. ثم مات أبو عبيدة فخطب معاذ ، فقال في خطبته : وإنكم فجعتم برجل ، ما أزعم والله أني رأيت من عباد الله قط أقل حقدا ، ولا أبرّ صدرا ، ولا أبعد غائلة ، ولا أشد حياء للعاقبة ، ولا أنصح للعامة منه ، فترحموا عليه.
اتفقوا على أنه مات في طاعون عمواس بالشام سنة ثمان عشرة ، وأرّخه بعضهم سنة سبع عشرة. وهو شاذّ.
وجزم ابن مندة تبعا للواقدي والفلاس أنه عاش ثمانيا وخمسين سنة. وأما ابن إسحاق ، فقال : عاش إحدى وأربعين سنة.
وقال ابن عائذ : قال الوليد بن مسلم : حدثني من سمع عروة بن رويم ، قال : انطلق أبو عبيدة يريد الصلاة ببيت المقدس ، فأدركه أجله ، فتوفي هناك ، وأوصى أن يدفن حيث قضى ، وذلك بفحل من أرض الأردن ، ويقال : إن قبره ببيسان ، وقالوا : إنه كان يخضّب بالحناء والكتم.
٤٤١٩ ـ عامر بن عبد الله البدريّ (١) :
روى الطبرانيّ من طريق عمرو بن يحيى ، عن عمرو بن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عن عامر بن عبد الله البدري ، قال : كانت بدر صبيحة يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان.
__________________
(١) أسد الغابة ت ٢٧٠٨.