فى غزواته وما ظهر من شجاعته ، يطول الشّرح به.
(٥) ـ وأمّا الوقار والرّزانة ، فانّه كان أوقر النّاس مجلسا ، وأعظمهم هيبة فى صدور النّاس. وكان إذا قعد بين أصحابه ، قعدوا حوله كأنّما على رءوسهم (١) الطّير هيبة له ؛ يهابونه هيبة الملوك مع بشاشته بهم وبجميع النّاس ، وحسن خلقه ؛ فإنّه كان أحسن النّاس خلقا وخلقا ؛ وكان يأمر أصحابه بمحاسن الاخلاق ويحثّهم على ذلك ، ويقول : «أقربكم إلى الله أحسنكم خلقا» ، وقال : «إنّ العبد ليبلغ بحسن الخلق درجة الصّائم القائم (٢)» ، وقال : «ليس عمل فى الميزان أثقل من حسن الخلق (٣)».
(٦) ـ وما روى عنه نحو هذا (٤) كثير ممّا (٥) كان يأمر به ويحثّ عليه. وكان لا يطرب ولا يمزح (٦) ، ولا يطيش (٧) ولا يبطش فى فرح ولا غضب. وترد عليه الأمور العظيمة البشارة ، فلا يستخفّ (٨) لها (٩) ، وكان جلّ غضبه أن تحمّر وجنتاه ، فيملك نفسه ، ويدرّ العرق من عرق بين عينيه ، فلا (١٠) يتزعزع ، ولا يبطش بيد ولا لسان ؛ وما رؤى قطّ قهقه واستغرب فى ضحك (١١) ، وكان جلّ ضحكه التّبسّم. وكانت ترد عليه الامور العظيمة التى يمتحن بها ، فلا يتزعزع لها (١٢) ، بل كان يظهر الوقار الشّديد والرّكانة ، ويحتسب ويحمل الصّبر ؛ حتى أمر الله عزوجل أمّته أن يتأسّوا (١٣) به فى الّذي ينوبهم من محن الدّنيا ، وأن يتأدّبوا بأدبه (١٤) ،
__________________
(١) ـ رءوسهم : رءوسهم ABC (٢) ـ الصائم القائم : الصوم والصلاةBC ـ (٣) ـ الخلق : + بدرجة الصائم A (٤) ـ نحو هذا : ـ B (٥) مما : لماB (٦) ـ يمزح : يمرح A (٧) ولا يبطش : ـ B (٨) ـ يستخف : يستخق A ، يستخق C (٩) لها : ـ B (١٠) ـ فلا : ولاAB (١١) ـ ضحك : ضحكه B (١٢) ـ لها : بهاB (١٣) ـ يتاسوا : يتاساسواA (١٤) بادبه : بآدابه B