فقال جلّ ذكره : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ.)
(٧) وأمّا الوفاء ، فانّه كان أوفى النّاس بعهد وذمّة ، وأوكدهم حرمة. قد كان بعث خالد (١) بن وليد إلى بنى جذيمة (٢) ، ولم يبعثه مقاتلا بل بعثه داعيا ؛ فأجابوه (٣) إلى الاسلام. وكانت بين خالد وبين القوم (٤) ترة فى الجاهلية ، فقال لهم : ضعوا سلاحكم. فلمّا وضعوا السلاح ، كتّفهم وعرضهم على السّيف. فلما انتهى خبرهم إلى النبي (ص) رفع يديه إلى السّماء ، وقال : «اللهمّ إنّى أبرأ (٥) إليك ممّا صنع خالد (٦)». وزعم خالد ، أنّه لم يقتلهم حتى امتنعوا من الاسلام. فبعث رسول الله (ص) عليا (ع) وبعث معه مالا ، وقال : «اجعل أمر الجاهليّة تحت قدميك» فخرج إليهم وودى الدّماء والاموال ، حتى وداهم ميلغة الكلب ، وبقيت معه بقيّة من المال ، فقال : هل بقى لكم دم (٧) أو (٨) مال؟ قالوا : لا. قال : فهذه البقيّة (٩) لكم احتياطا لرسول الله (ص) ممّا لا أعلم وممّا لا تعلمون. فلمّا رجع ، قال له النبي (ص) : «أحسنت وأصبت.»
وكانت (١٠) بينه وبين العرب هدنة بعد فتح مكّة ، أن لا يمنعوا عن البيت وأن لا يخافوا. فنزلت سورة «براءة» (١١) وأمره (١٢) الله ، أن يردّ إليهم عهدهم ؛ فدفع الآيات من أول سورة براءة إلى أبى بكر ، وبعثه إلى الموسم ، وأمره أن يقرأها على النّاس. فنزل جبرائيل (ع) وقال له (١٣) : إنّه لا يبلّغها إلا أنت او رجل
__________________
(١) ـ خالد : خالداA (٢) بنى جذيمه : بنى خزيمةABC (٣) ـ فاجابوه : فاجابواC (٤) وكانت بين خالد وبين القوم : وكانت بين القوم وبين خالدA (٥) ـ ابراء : براءA (٦) خالد : الخالدA (٧) ـ دم : دمأB (٨) ـ او : وB (٩) البقية : القيةA (١٠) ـ كانت : كان B (١١) ـ براءة : براةC (١٢) امره : امرC (١٣) ـ له : ـ A