القتل فى النّاس ، صمد له فرسان قريش وتعاقدوا وتحالفوا على قتله واحتوشوه وحاربوه بكل سلاح حتى رموه بالحجارة. فصبر لهم ، حتى شجّ فى وجهه ، وسالت الدماء على لحيته ، وغاب من حلق المغفر فى جبهته ، وأصيبت رباعيّته ، وجرح فى شفته ؛ وأقبل أبىّ بن خلف ، وهو
يقول : لا نجوت إن نجا محمد ؛ وكان يقول
بمكّة : إن لى عودا أعلّقه
وأضعه ، لا قتل عليه محمّدا. فبلغ ذلك النّبيّ (ص) فقال : «أنا أقتله إن شاء الله».
فلمّا أقبل ذلك اليوم ، عارضه عليّ (ع) مع قوم من المسلمين ، يريدون منعه من رسول الله (ص). فقال (ص) لهم :
«خلّوا سبيله» ؛ فبرز
إليه وتناول حربة فطعنه بها فى فرجة بين البيضة والمغفر فى عنقه ، فصرعه. ثم نهض (أبىّ) وانهزم عنه وأتى أصحابه ، وهو يخور كما يخور
الثّور. فقالوا له : لا بأس عليك ، إنّما هو خدش! فقال : أليس قد قال إنّه يقتلنى؟
والله لو كانت هذه الخدشة بأهل ذى المجاز ، لماتوا كلّهم منها .
ويوم حنين ، لمّا انهزم أصحابه (ص) وذهبوا فى كلّ وجه ، وقف
فى حومة الحرب ومعه عليّ (ع) مع نفر يسير من
أصحابه ، والنّبال والسّهام عليه (ص)
مثل قطر المطر ؛ وهو ينادى : «هلمّوا إلى ، أنا محمّد بن عبد الله ، أنا محمّد رسول الله» ، وما ولىّ حتى أتاه النّصر من
الله عزوجل . ومقاماته