أحدثا فى هذه الأمّة ، وهما من حكماء الدّيانة وأئمة الهدى.
وهكذا كلّ حكمة فى العالم صغرت أو كبرت ، أصلها من الأنبياء (ع) ، وهم ورّثوها الحكماء والعلماء من بعدهم ، ثم صار ذلك تعليما فى النّاس ؛ وكذلك سبيل اللّغات. ولو كان (١) الأمر على ما ادّعاه الملحد أنّ النّاس شرع واحد فى الحكمة ، وأنّ كلّ (٢) الناس يلهمونها ويدركونها بالطّبع لا بوحى من الله عزوجل ولا بتعليم ، وأنّ سبيل اللّغات كذلك ، لما انتظم أصل ولا اعتدل الأمر فيه ، كما نرى من انتظام أمر اللّغات واعتدالها. وكذلك السبيل فى كل كتاب الّف على حكمة مثل المجسطى وأقليدس وغير ذلك ممّا يشبههما (٣) ، هى على نظام واعتدال يدل على أنّ كلّ أصل هو من رجل واحد (٤) ، لم يشركه فى تأليفه غيره. وإذا ثبت هذا ، صحّ أنّه بتوقيف (٥) من الله عزوجل ووحى منه ، وأنّ ذلك ليس هو استخراجا بطبع ، لأنّه لا يجوز أن يخصّ رجل واحد من بين (٦) جميع الأنام الذين نشئوا (٧) فى أعصار كثيرة ، وذلك الرجل الواحد يكون مختصا بذلك ، وهو فى مثل طبعهم ، دون أن تكون فيه قوّة إلهية موهوية من البارى خالق الخلق جل وتعالى ، وتلك القوّة هى الوحى الّذي يوجب لصاحبه اسم النبوّة على ما شرحناه من مراتب الأنبياء (ع). ومن تدبّر ما قلنا ونظر بعين النّصفة لم تخف عليه هذه الحال ؛ ولا يبعد الله إلّا من عاند وظلم نفسه.
__________________
(١) ـ ولو كان : ـ C (٢) ـ كل : كان C (٣) ـ يشبههما : يشابهاC (٤) ـ واحد : واخذA (٥) ـ بتوقيف : بتوفيق B (٦) ـ من بين : ـ A (٧) نشئوا : لشئوAB