ذلك فى غير هذا الكتاب.
فاصل اللغات كلها (١) على ما ذكرنا ، هى بتوقيف (٢) من (٣) الله عزوجل لأنبيائه ، وهم علّموها النّاس. وليس سبيلها على ما ذكره الملحد أنّها (٤) باستخراج من النّاس بلا وحى من الله ، وأنه جائز أن يلهم النّاس كلّهم ذلك. ولو كان (٥) الأمر على هذا ، لما انتظمت لغة ؛ بل ، كانت تتفاوت (٦) حتى لا يكون لها نظام ؛ لأنّ الشّيء إذا كان من قوم شتى واختلفت (٧) فيه الآراء ، اختلف ولم ينتظم ، كالاختلاف (٨) الّذي قد ذكرناه (٩) من كلام هؤلاء المتّسمين بالفلسفة الّذي ينقض بعضه (١٠) بعضا. فلمّا وجدنا كلّ لغة منتظمة قد اتفقت (١١) عليها أمّة من النّاس ، علمنا أنّ اصل كلّ لغة من رجل واحد مؤيّد بوحى من الله عزوجل ، وصحّ أنّ اللّغات كلّها من الأنبياء (ع). وأيضا لو كان الأمر على ما ادعاه الملحد ، لوجب أن يلهم أهل كلّ دهر (١٢) لغة ما ، كانوا يبتدءونها ويستكملون بها. فكيف قد انقطع هذا الالهام وغارت هذه القريحة ولم يطل (١٤) هذا الطّبع ، حتى لا يقدر أحد أن يذكر قوما أبدعوا لغة أخذتها النّاس عنهم منذ دهر (١٣) طويل بلا توقف على غاية (١٥) ؛ إلّا ما يذكر من أمر هذه اللّغات. فان كان هذا عاما وجب أن يذكروا لنا لغة محدثة. ولن يأتوا بذلك أبدا لأنّ اللّغات أصلها من الأنبياء كما ذكرنا.
(٨) فلمّا ختمت النبوّة ، ختمت اللّغات ، كما ختم سائر هذه الأسباب التى هى من أصول الأنبياء والحكماء بوحى من الله عزوجل ، ولم يبق فى العالم
__________________
(١) ـ كلها : ـ C (٢) بتوقيف : بتوفيق BC ـ (٣) من : ـ A (٤) انها : الامهاA ، انه B (٥) ـ ولو كان : ـ C (٦) تتفاوت : متفاوت A (٧) ـ اختلفت : اختلف B (٨) كالاختلاف : كاختلاف BC ـ (٩) ـ ذكرناه : ذكرناB (١٠) بعضه : بعضهم C (١١) ـ اتفقت : اتفق AC ، اشفق B (١٢) ـ اهل كل دهر : ـ C (١٣) ـ لغة ... كل دهر : ـ AC ـ (١٤) ـ يطل : يبطل AB (١٥) ـ دهر طويل ... غاية : دهر على غاية بلا توقف B