فان قال قائل ، إنّ العالم كان يساس قبل نزول القرآن ، قلنا
: قامت سياسة العالم قبل نزوله فى جميع الممالك برسوم الأنبياء (ع) التى أسّسوها
على الدّيانة ، وبآثارهم فى جميع الممالك. فاهل كلّ مملكة كان يسوسهم من يملكهم بتلك الرّسوم. فلما جاء القرآن طبّق الأرض وكبس العالم تحت أحكامه وظهر على جميع الأديان
وعلى جميع الأمم وقهر الأنام كافة. فاين يقع النّفع والضّرّ الّذي فى تلك الكتب من النّفع والضّرّ الّذي فى القرآن؟ فانّ أحكام القرآن قد نفعت المؤمن
والكافر فى أمور دنياهم ، لا يستغنون عنها يوما واحدا ، وخصّت المؤمنين دون الكافرين بالنّفع فى أخراهم. فهلّا التجأ الملحد إلى المجسطي وكتب الهندسة والطبّ والمنطق ،
فحقن بها دمه وحصّن ماله وذريّته حتى يكون خارجا من أحكام القرآن الّذي زعم انه لا نفع فيه ولا ضرّ كما فى تلك الكتب ، وجهل ما قد نفع الملحدين حين دخلوا تحت أحكام القرآن
وحقنوا دماءهم وحصّنوا أموالهم وذراريهم
وهل ينكر هذا الشّأن العظيم من نفع القرآن وضرّه إلّا معتوه ونعوذ بالله من الكفر
لنعم الله والعمى فى دينه.
(٦) وقد ذكرنا طرفا من الأمور الجليلة التى يجمعها القرآن
دون القوّة الالهية التى هى فيه كامنة مستسرة ، التى هى المؤثّرة فى العالم بهذه الأسباب الظّاهرة ، التى جمعت الخاصّ
والعامّ والمؤمن والكافر. وتلك القوة هى للخاصّة دون العامّة ، وللمؤمن دون الكافر
؛ وذلك أنّ الله عزوجل