اصطفى محمّدا (ص) لنبوّته وبعثه (١) إلى خلقه ليدعوهم إلى عبادته واختاره من (٢) الأنام ؛ فكان أطهر النّاس نفسا وأطيبهم روحا ، وكانت روحه النّاطقة ونفسه الحسّية أبلغ تهيّؤا لقبول آثار الوحى ، وأشدّ مشاكلة للرّوح المقدسة التى أيّد الله بها أنبياءه ورسله ، من جميع أرواح البشر وأنفسهم ، فأثّر ذلك الوحى فى نفسه لصفائها من كدورة العوارض النّفسانيّة التى تكدّر الأنفس ، مثل الهوى والحسد والكبر والحرص والبخل والطّغيان والاستنكاف وغير ذلك ممّا (٣) يشاكلها ، الضّارّة بأنفس البشر ، المفسدة لها. فكان هو (ص) أصفى الخلائق أجمعين نفسا من (٤) الأوساخ المدنّسة للانفس ؛ وأثّرت تلك الرّوح المقدّسة فى نفسه الحسيّة وامتزجت بروحه النّاطقة الطيّبة النقيّة من هذه الآفات والنّجاسات ، وقبل هذه الموهبة من ربّه عزوجل ، وعرف بها عظمة الله سبحانه (٥) وربوبيّته وإلهيّته ووحدانيّته وجلال سلطانه ، وقام بخالص (٦) العبوديّة ، وقويت نفسه بذلك التّأييد ، وأيقن (٧) بكلّ ما وعد الله ، وقام بأمره عزوجل ، باذلا نفسه له ، موقنا بكل ما أوحى إليه (٨) ، مؤمنا بكل ما أعلمه أنه (٩) يبلغه إذا قام بأمر ربّه من الشّرف الرّفيع فى أولاه والدّرجات العلى فى أخراه ، لم يشكّ فى ربّه ولا ارتاب بوعده. فلمّا أثر ذلك الوحى فى نفسه وقبله بقلبه وصوّره فى فكره ، أظهره بنطقه. فذلك (١١) الوحى (١٠) أوكد أسبابه فى نبوّته وأعلى حجج الله على بريّته وأوضح ما أتى به من براهينه وبيّناته (١٢) ومعجزاته ، وكان ما (١٣) أظهره بمنزلة ضياء يطلع
__________________
(١) ـ بعثه : بعث A (٢) اختاره من : اختارهم عن A (٣) ـ مما : ماB (٤) ـ من : + هذه BC ـ (٥) ـ سبحانه : ـ A (٦) ـ بخالص : لخالص C (٧) ـ أيقن : انفق C (٨) إليه : ـ A (٩) انه : ان C (١٠) ـ فى نفسه ... الوحى : ـ A (١١) فذلك : من ذلك BC ـ (١٢) ـ بيناته : بنيانه A (١٣) ما : ـ B