إذا تجبّلت فى هذا العالم ، وضربت المثل بالصّبى والبستان؟
قال : نعم!
قلت : فقد وجدنا البستان مع وجود الصّبىّ ، والصّبىّ ينظر إليه وتحرّكه الشّهوة الغريزيّة للدّخول إليه ، فهل كان العالم موجودا مع النّفس حتى تطلّعت فيه وحرّكتها الشهوة للتّجبّل (١) فيه؟ فان زعمت (٢) أنّ العالم كان موجودا مع النّفس (٣) ، فقد رجعت عن القول بحدث العالم ؛ لأنك زعمت أنّه موجود مع النّفس ؛ والنّفس عندك أزليّة قديمة. وان (٤) زعمت أنّ العالم كان معدوما (٥) ، فمن أين عرفت النّفس أنّ عالما يكون بهذه الصّفة حتى اشتهت أن تتجبّل فيه ؛ والنّفس جاهلة بما نالها (٦) من الوبال فى ذلك ؛ فهى بأن تجهل عالما ليس بموجود أولى. وإن زعمت أنّها علمت أنّ عالما (٧) يكون على هذا (٨) المثال قبل أن كان ، فقد قضيت (٩) على النّفس بالعلم. فكيف يجوز أن (١٠) تعلم أنّ عالما يكون بهذه الصّفة ، ولم تعلم ما يلحقها من الوبال لمّا تجبّلت (١١) فيه؟ وإن زعمت أنّ العالم ليس بقديم مع النّفس ، وأنّه أحدث بعد ذلك ، ثم تطلّعت النفس فيه ، فقد نقضت قولك : انّ (١٢) علّة إحداث العالم ، أنّ النّفس اضطربت وحركتها الشّهوة للتّجبّل فى هذا العالم ، فأعانها البارى حتى أحدثته.
(٣) وفى وجه آخر : أخبرنى عن هذه الحركة التى بعثت (١٣) شهوة النّفس على التّجبّل فى هذا العالم : أهى (١٤) غريزيّة ، أم قسريّة؟ فان ادّعيت أنّها غريزيّة ، فقد لزمك أن تقول : إنّ هذه الحركة والشّهوة قديمتان (١٥)
__________________
(١) ـ للتجبل : المتجبل C (٢) زعمت : زعم C (٣) حتى تطلعت ... مع النفس : +C (٤) ـ وان : فان A (٥) ـ معدوما : معلوماA (٦) ـ نالها : لهاC (٧) ـ عالما : عالمهاC (٨) هذا : هذه C (٩) قضيت : نقضت C (١٠) ـ أن : ـ A (١١) ـ تجبلت : تجيلت A (١٢) ـ أن : انه A (١٣) ـ بعثت : بعث C (١٤) ـ أهي : هى AB (١٥) ـ قديمتان : قديمان C