نكشف عن حقيقة ما فى القرآن من الأمور الجليلة (١) والمعجز العظيم ببرهان واضح ، ليعلم من هو على مذهب الملحد ، أنّه ليس فى العالم معجز أكثر منه ولا دلالة أكبر منه ، وليعرف الملحدون أنّ القرآن هو عظيم الشأن رفيع البنيان واضح البرهان ، وأنّه نور ساطع لمن استضاء به ، ودليل هاد لمن عرفه ، وحجّة قاهرة لمن خاصم به ، وعلم زاهر (٢) لمن وعاه (٣) ، وحكمة بالغة لمن نطق به ، وحبل وثيق لمن تعلق به ، وفوز ونجاة لمن آمن (٤) به ، وأنّ نفعه للانام أعظم ، ومقداره أجلّ من أن يقاس بالمجسطى وكتب الهندسة والطب والمنطق والنّجوم التى (٥) ذكرها الملحد وجعلها نظائر للقرآن ، بل فضّلها عليه لضعف عقله وعمى قلبه وقلة معرفته ولضلالته (٦) ولغلبة هواه ؛ وندع (٧) الاحتجاج على الملحد بالآيات (٨) والمعجزات التى جاءت عن الأنبياء (ع) وعن محمّد (ص) على حسب ما اشترطناه (٩) ، الا بالقرآن العظيم ، ولما فيه من الدّلائل الواضحة القائمة فى العالم ، وإن جحدها الملحدون. فليس هم بألوم فى جحودهم الآيات التى مضت أيّامها من الذين شاهدوا تلك العجائب فردّوها. إنّما يلامون على ما بلوا به (١٠) من العمى والضّلال والانكار للمعجز العظيم الّذي هو فى القرآن. لأنّه شاهد قائم فى العالم ، وقبوله لمن عبر (١١) ألزم منه لمن مضى ، والحجة عليهم أوكد لأنّ برهانه يزداد على مرّ الأيّام إيضاحا.
(٣) فأمّا المعجزات التى قد مضت ، فانّهم لا يلامون على دفعها ، لأنّ الذين شاهدوها ورأوها بأبصارهم وسمعوها (١٢) بآذانهم وباشروها بأنفسهم ،
__________________
(١) ـ الجليلة : الجليةC (٢) ـ زاهر : ـ A (٣) وعاه : دعاه B (٤) ـ آمن : آمرA (٥) ـ التى : والتى A (٦) ـ لضلالته : ضلالته A ، ضلالةC (٧) ـ ندع : نبتدع B (٨) بالآيات : والآيات AC ـ (٩) ـ اشترطناه : شرحناه B (١٠) ـ به : ـ C (١١) ـ عبر : غيرA ، غبرBC ـ (١٢) ـ سمعوها : سمعواA