هذا العالم ، فاضطربت فى إحداثه على ما حكيت من القول ، فأعانها البارى رحمة منه لها؟
قال : نعم!
قلت : فهل علم البارى أن يلحقها فى ذلك (١) الوبال إن تجبّلت فيه؟
قال : نعم (٢)!
قلت : أليس لو لم يعاونها على إحداث هذا العالم ومنعها من التّجبّل فيه ، كان أولى بالرّحمة لها من أن أعانها وأوقعها فى هذا الوبال العظيم على زعمك؟
قال : لم يقدر على منعها من ذلك.
قلت : قد (٣) ألزمت البارى العجز!
قال : لم ألزمه العجز.
قلت : ألست تزعم أنّه لم يقدر على منعها؟ فقولك : «لم يقدر» أليس هو عجز؟
قال : لم أعن ، أنّه لم يقدر لانّه عجز عن منعها ؛ ولكنّى أضرب لك مثلا تعرف منه صواب ما أوردته : إنّما المثل فى هذا كمثل (٤) رجل له ولد صغير يحبّه ويرحمه ويشفق عليه ويمنع منه الآفات. فتطلع ولده هذا فى بستان ، فرأى ما فيه من الزّهر والغضارة. وفى البستان شوك كثير وهوامّ تلسع ، والصّبىّ لا يعرف ما فيه من الآفات ، إنّما يرى (٥) الزّهر والغضارة ، فتحرّكه الشّهوة وتنازعه نفسه (٦) إلى الدّخول إلى هذا البستان ، ووالده يمنعه لعلمه بما فى البستان من الآفات ، وهو يبكى وينزع إلى ذلك جهلا منه بما يلحقه
__________________
(١) ـ ذلك : ـ C (٢) ـ قلت ... نعم : ـ A (٣) ـ قد : ـ A (٤) ـ كمثل : ـ C (٥) ـ يرى : يرC (٦) ـ نفسه : النفس A