الّذي يجازيكم باختلافكم وائتلافكم؟ وقال (١) : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعنى خلقهم وامتحنهم بالاختلاف والائتلاف ليظهر المطيع من العاصى (٢) كما ذكرنا (٣) ، وليكون مرجعهم إلى الأنبياء ، وليرضوا بحكمهم ، ويقيموا طاعتهم ، كما قال عزوجل (٤) : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ (٥)) ثمّ عرّفنا أنّ الباغين فى كلّ أمّة امتحنهم الله بطاعة الأنبياء ، فخالفوهم بعد أن رأوا البيّنات ، فقال : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) (٦).
(٥) فهكذا كان سبيل الأنبياء ، وسبب اختلافهم فى وضع الشّرائع. فأمّا فى الأصول فلم يختلفوا : ولو اتّفقوا كلهم فى وجوه الاستعباد ، لما ظهرت (٧) منزلة الأنبياء ، ولا كانت درجة لمن جاء بعد من تقدّمه ؛ فكان لا يقدر على تغيير البدع الّتي أبدعها الضّالون فى كل (٨) شريعة ، ولسقط (٩) الامتحان (١٠) من الله عزوجل (١١) لخلقه ، ولبطل الأمر والنّهى ، فلم تكن طاعة ولا معصية ولا ثواب ولا عقاب. فهذه علّة اختلافهم فى وضع الرّسوم : وأسّسوا شرائعهم على العلم والحكمة بوحى من الله عزوجل (١٢) ، ولم يختلفوا فى أصول الدّين والتّوحيد ، كما اختلف هؤلاء الضّلال الذين وضعوا هذه (١٣) الوساوس بآرائهم واختلفوا فى البارى عزوجل (١٤) ، وفى (١٥) جميع الأصول
__________________
(١) ـ قال : قالواA (٢) ـ العاصى : المعاصى B (٣) ذكرنا : ذكرياA (٤) ـ عزوجل : ـ A ـ A ، جل وعزC (٥) كان : وعن كان B (٦) ـ فيه الا : ـ A (٧) ـ ظهرت : اظهرت B (٨) ـ كل : ـ B (٩) لسقط : اسقطC (١٠) الامتحان : ـ A (١١) عزوجل : ـ A (١٢) ـ عزوجل : ـ A (١٣) ـ هذه : هذB (١٤) عزوجل : ـ A ـ A ، جل وعزC (١٥) وفى : فى C