نعوذ بالله من قول من يظنّ بموسى (ع) هذا الظّن ؛ بل ، كان
أطهر وأزكى وأكمل من ذلك ، ولكنّه لما اصطفاه الله عزوجل ، وبعثه
بالرّسالة ، ضرب للنّاس هذه الأمثال العجيبة ، وأشار إلى معانيها الجليلة ، ليعتبر
بها النّاس.
(٣) ومثال تلك القبّة فى التّيه الّذي كانوا فيه ، مثال
الكعبة التى وضعها الله للناس ، وحجّها النّبيّون (ع) فى الأمم السّالفة ثم جدّد رسومها إبراهيم (ع) وحجّها ، وجعلها محمّد (ص) قبلة لأمّته وأمر بحجّها ؛ وسمّوها
بيت الله ، وقد علموا أنّ الله عزوجل لا يحتاج إلى بيت
يسكن فيه ، وأنّ البيوت
كلّها لله. ومثل تعظيمهم لبيت المقدس ، واتّخاذهم ايّاه قبلة. وهكذا كان سبيل قبّة الزّمان التى اتّخذها
موسى (ع) وكذلك سبيل البساط والخوان ، والشّحم والثّرب الّذي أمر أن يجعل على
النّار لسرور الرّبّ ، وسبيل
سائر الفرائض والسّنن التى استعبد الله بها عباده على ألسنة الأنبياء (ع) الذين شرعوا الشّرائع ، وأمروا النّاس باقامتها ؛ ولو لا أنّ
الامر هكذا ، لكانت هذه الافعال التى عاب بها الملحد الأنبياء (ع) عبثا وجنونا ، ولكانت
من أمحل المحال ؛ كما يقدّره
الجهّال والملحدون والضّلّال الذين اتّخذوها هزوا ، ودعاهم الجهل إلى الخروج عن
الشّرائع ، وإيثار التعطيل والالحاد.
(٤) أفترى الأنبياء الطّاهرين حين شرعوا هذه الشّرائع التى
قد خلدت على الدّهر ورسموا هذه الرّسوم الباقية إلى الابد ، لم يعرفوا معنى ما يعرفه الملحدون ؛ وهم أكمل البشر ، وكل واحد منهم كان
قطبا للانام فى دهره؟! أو ترى المسيح (ع) حين قال فى الإنجيل : «لا تظنّوا أنى جئت
لا بطل التّوراة والأنبياء ، لم آت لا بطلها ، بل جئت لاكملها. والحقّ أقول