العنسيّ الكذّاب باليمن أثر عظيم ، وهو حمل رأسه إلى المدينة ، فوجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد مات. انتهى.
وقد تعقبه ابن الأثير بأنّ قاتل الأسود هو فيروز الدّيلميّ ، وليس هو ديلم الحميري ، وهو كما قال.
قلت : وكان سبب الوهم فيه أن كلّا من فيروز الديلميّ وديلم الحميري سأل عن الأشربة ، فأمّا حديث الديلميّ فأخرجه أبو داود من طريق يحيى بن أبي عمر والشيبانيّ ، عن عبد الله الديلميّ ، عن أبيه ، قال : أتينا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلنا : يا رسول الله ، قد علمت من أين نحن؟ فإلى أين نحن؟ قال : «إلى الله والى رسوله». فقلنا : يا رسول الله ، إن لنا أعنابا فما ذا نصنع فيها؟ «زبّبوها» قالوا : وما نصنع بالزبيب؟ قال : «انتبذوه على غدائكم ، واشربوه على عشائكم ، وانتبذوه في الشّنان لا في الأسقية».
وأما حديث ديلم فأخرجه أبو داود أيضا من طريق أبي الخير مرثد عن ديلم الحميري ، قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : يا رسول الله ، إنا بأرض باردة نعالج فيها عملا شديدا ، وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوّى به على عملنا وعلى برد بلادنا؟ فقال : «هل يسكر»؟ قلنا : نعم قال : «فاجتنبوه». الحديث.
فالحديثان وإن اشتركا في كونهما فيما يتعلق بالأشربة فيهما سؤالان مختلفان عن نوعين مختلفين ، وإنما أتى الوهم على من اختصر ، فقال : له حديث في الأشربة ، فلم يعلم مراده بذلك.
وقد خبط فيه أيضا أبو أحمد العسكريّ ، فقال : فيمن روى عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مرسلا ديلم بن هوشع الحميريّ ، وقال : أدخله بعضهم في المسند ، وهو وهم ، فإن الّذي قدم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو ديلم بن هوشع.
وقد ذكر عبّاس الدّوريّ عن ابن معين أن أبا وهب الجيشانيّ يسمى ديلم بن هوشع.
قلت : وقد تقدم ردّ ابن يونس على من زعم ذلك ، وأن أبا وهب الجيشانيّ تابعي يسمى عبيد بن شرحبيل لا ديلم بن هوشع ، وأن ديلم بن هوشع صحابيّ لا يكنى أبا وهب الجيشانيّ ، وبهذا يرتفع الإشكال ويثبت أنه ديلم بن هوشع لا ديلم بن فيروز. وأما من قال فيه ديلم بن أبي ديلم فلم يعرف اسم أبيه ، فكناه بولده ، وابن مندة يصنع ذلك كثيرا ، وليس ذلك باختلاف في التحقيق.
والحاصل أن الّذي سأل عن الأشربة التي تتّخذ من القمح هو ديلم بن هوشع ، وحديثه