عيصو بن إسحاق ، وأنّ أباه كان ملكا وأمّه كانت فارسية اسمها إلها ، وأنها ولدته في مغارة ، وأنه وجد هناك شاة ترضعه في كل يوم من غنم رجل من القرية ، فأخذه الرجل وربّاه ، فلما شبّ طلب الملك كاتبا يكتب له الصّحف التي أنزلت على إبراهيم ، فجمع أهل المعرفة والنبالة ، فكان فيمن أقدم عليه ابنه الخضر وهو لا يعرفه ، فلما استحسن خطّه ومعرفته بحث عن جليّة أمره حتى عرف أنه ابنه فضمّه إلى نفسه وولاه أمر الناس.
ثم إنّ الخضر فرّ من الملك لأسباب يطول ذكرها إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها فهو حيّ إلى أن يخرج الدجّال ، فإنه الرّجل الّذي يقتله الدجال ثم يحييه ، قال : وقيل إنه لم يدرك زمن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهذا لا يصح ، قال : وقال البخاريّ وطائفة من أهل الحديث : مات الخضر قبل انقضاء مائة سنة من الهجرة. وقال : ونصر شيخنا أبو بكر بن العربيّ هذا
لقوله صلىاللهعليهوسلم : «على رأس مائة سنة لا يبقى على الأرض ممّن هو عليها أحد»
(١) يريد ممّن كان حيا حين هذه المقالة. قال : وأما اجتماعه مع النبي صلىاللهعليهوسلم وتعزيته لأهل البيت وهم مجتمعون لغسله عليه الصلاة والسلام فروي من طرق صحاح ، منها : ما ذكره ابن عبد البر في التمهيد ، وكان إمام أهل الحديث في وقته ، فذكر الحديث في تعزية الصحابة بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم يسمعون القول ولا يرون القائل ، فقال لهم علي : هو الخضر ، قال : وقد ذكر ابن أبي الدنيا من طريق مكحول ، عن أنس ، اجتماع إلياس النبي بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وإذا جاز بقاء إلياس إلى العهد النبوي جاز بقاء الخضر انتهى ملخصا.
وتعقّبه أبو الخطّاب بن دحية بأن الطرق التي أشار إليها لم يصح منها شيء ، ولا يثبت اجتماع الخضر مع أحد من الأنبياء إلّا مع موسى كما قصّه الله من خبره.
قال : وجميع ما ورد في حياته لا يصح منه شيء باتفاق أهل النّقل ، وإنما يذكر ذلك من يروي الخبر ، ولا يذكر علّته ، إما لكونه لا يعرفها ، وإما لوضوحها عند أهل الحديث ، قال : وأما ما جاء عن المشايخ فهو مما ينقم منه كيف يجوز لعاقل أن يلقى شخصا لا يعرفه ، فيقول له : أنا فلان فيصدّقه؟
قال : وأما حديث التّعزية الّذي ذكره أبو عمر فهو موضوع.
رواه عبد الله بن المحرر ، عن يزيد بن الأصم ، عن عليّ. وابن محرر متروك ، وهو الّذي قال ابن المبارك في حقه كما أخرجه مسلم في مقدّمة صحيحه : فلما رأيته كانت بعرة أحبّ إليّ منه ، ففضل رؤية النجاسة على رؤيته.
__________________
(١) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢ / ١٠١ وابن حجر في الفتح ٧ / ٥.