وبحسبنا أن نقول : هذا طعن لا مبرر له ، وتجريح لا يستند على سند : [الخفيف]
والدّعاوى إن لم تقيموا عليها |
|
بيّنات أبناؤها أدعياء |
وقولهم : إنه المتطرّف في الاختلاق ورعا ، كلام متهافت ، لأنّا لا نعلم الورع إلا مانعا من الاختلاق على النّاس ، فضلا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكيف يختلق أبو هريرة على رسول الله؟ وهو راوي حديث : «من كذب عليّ متعمدا فليتبوَّأ مقعده من النّار» ، وكان يبدأ به عند ما يرى أن يحدث.
فرجل سمع من رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذا الحديث ، ووعاه وأدّاه ، وكان يستذكره ويذكّر به ، ويقدّمه أمام تحديثه عن رسول الله ، وهو مؤمن ورع تقيّ ، يستحيل في العادة أن يكذب على رسول الله ، فضلا عن أن يتطرف في الكذب عليه ، ويرى أن الاختلاق والكذب عليه دين وورع.
٤ ـ وأمّا قولهم إنّ كثيرا من الأحاديث التي عزيت إلى أبي هريرة نحلت عليه في عصر متأخر ، فنحن نسلّم أن أحاديث كثيرة وضعت وعزيت زورا إلى أعاظم المحدثين مثل أبي هريرة ، ولكن رجال نقد الحديث قد عنوا ببيان الموضوع منها ، وبهرجوا الزائف ، ولم يخف عليهم بطلانه وأفسدوا على الوضّاعين طريقهم.
وبعد! فإذا كان أصحاب (دائرة المعارف) قد ألّفوها لغرض أن تكون صورة صحيحة للمعارف الإسلامية فما أبعدها عن أن تكون كذلك ، وما أبعدهم فيها عن نيل هذا الغرض ، وإذا كانوا قد ألّفوها لغرض تقبيح حال المسلمين في نظر الغربيين وتشويش عقائد المسلمين ، وفتنة الشباب في دينهم فهي صالحة لهذا الغرض مؤدية له (١).
قال الشّيخ محمد محمد أبو زهو في تعليقه على ما سبق «وبعد فقد طفحت كتب المبتدعة والمستشرقين ، وأعداء الدّين ، ومن تتلمذ لهم من جهلة المسلمين المأجورين قديما وحديثا بالكيد للإسلام في أشخاص أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا سيما أبو هريرة راوية الإسلام الأوّل.
وفي هذه الأزمان المتأخّرة ، ظهرت شرذمة من أدعياء العلم والخلق التافهين ، جمعوا كناسة العصور كلها من الطّعون والإزراء على صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عامة وأبي هريرة خاصة ، يريدون ليهدموا ركنا شامخا من أركان الدين وأصلا وطيدا من أصوله ألا وهو سنّة سيّد المرسلين صلىاللهعليهوسلم فلم يكتفوا بما أوردناه من مزاعمهم الباطلة ، ولكنهم ضموا إليها تافها من
__________________
(١) مجلة نور الإسلام (الأزهر حاليا) المجلد الخامس ص ٦٣٩.