وقوله صلىاللهعليهوسلم في خطبة حجة الوداع : «ألا فليبلّغ الشّاهد الغائب ، فلعلّ بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه» (١).
وجاء ترهيبا من الإعراض عن السّنّة قوله صلىاللهعليهوسلم : «من رغب عن سنّتي فليس منّي» (٢).
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عنّي ، وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله تعالى ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حراما حرّمناه ، وإنّ ما حرّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما حرّمه الله» (٣).
فأنت ترى في الآيات والأحاديث الشّريفة ما يحفز همّة المؤمن الضّعيف إلى الإقبال على روائع النّبوة يستهديها ، وبدائع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يستظهرها ، فكيف أنت والصّحابة الّذين كانوا لا يضارعون طول باع ولا علوّ همّة في هذا الميدان؟
العامل السّابع : منزلة الكتاب والسّنّة من الدّين ، فالكتاب هو أصل التّشريع الأوّل والدّستور الجامع لخير الدّنيا والآخرة ، والقانون المنظم لعلاقة الإنسان بالله ، وعلاقته بالمجتمع الّذي يعيش فيه ، ثمّ السّنّة هي الأصل الثّاني للتّشريع ، وهي شارحة للقرآن الكريم ، مفصّلة لمجمله ، مقيّدة لمطلقه ، مخصّصة لعامه ، مبيّنة لمبهمه ، مظهرة لأسراره كما قال سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ، وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٤)
__________________
ـ باب من بلغ علما (١٨) حديث رقم ٢٣٠ ـ وأحمد في المسند ٤ / ١٨٠ ، ٨٢ والطبراني في الكبير ١٧ / ٤٩ ، ١٥٨ ، ٢ / ١٣١ ، ٤ / ١٧٢ والحاكم في المستدرك ١ / ٨٦ ـ وأبو نعيم في الحلية ٧ / ٣٣١ والدارميّ في السنن ١ / ٧٥ ـ وابن عساكر ٦ / ١٥٩ وذكره المنذري في الترغيب ١ / ١٠٨ والهندي في كنز العمال حديث رقم ٢٩١٦٥ ، ٢٩١٦٦.
(١) أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٦٣ كتاب العلم باب ليبلغ العلم حديث رقم ١٠٥ وابن ماجة في السنن ١ / ٨٦ المقدمة باب من بلغ علما (١٨) حديث رقم ٢٣٤ ، ٢٣٥ ـ وأحمد في المسند ٥ / ٣٧ ، ٤٥ والبيهقي في السنن ٥ / ١٦٦ ـ والبيهقي في دلائل النبوة ١ / ٢٣ ـ وذكره الهيثمي في الزوائد ٤ / ١٧٥.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح ٧ / ٢ كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح حديث رقم ٥٠٦٣ وأحمد في المسند ٢ / ١٥٨ ، ٣ / ٢٤١ ، ٢٥٩ ، ٢٨٥ ، ٥ / ٤٠٩ والدارميّ في السنن ٢ / ١٣٣ ـ والبيهقي في السنن ٧ / ٧٧ وابن خزيمة في صحيحه حديث رقم ١٩٧ وابن سعد في الطبقات ١ / ٢ / ٩٥ والخطيب في التاريخ ٣ / ٣٣٠ ـ وأبو نعيم في الحلية ٣ / ٢٢٨ ـ وذكره المنذري في الترغيب ١ / ٨٧ والسيوطي في الدر المنثور ٢ / ١٧ ، ٣٠٧.
(٣) أخرجه أبو داود في السنن ٢ / ٦١٠ كتاب السنة باب في لزوم السنة حديث رقم ٤٦٠٤ بلفظ مقارب وأحمد في المسند ٤ / ١٣١ عن المقدام بن معديكرب الكندي.
(٤) النحل : ٤٤.