قَالَ فَهَرَبَ ـ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ : لَكِنِّي وَاللهِ مَا رَأَيْتُ عَوْرَةَ أَبِي قَطُّ ، وَلَا رَأَى أَبِي عَوْرَةَ جَدِّي قَطُّ ـ وَلَا رَأَى جَدِّي عَوْرَةَ أَبِيهِ قَطُّ ، قَالَ : وَهُوَ عَاضٌّ عَلَى إِصْبَعِهِ ، فَوَثَبَ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ إِبْهَامِ رِجْلِهِ (١).
١٩ ـ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ النَّاسُ فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) قُلْتُ : يَقُولُونَ رَأَى يَعْقُوبَ عَاضّاً عَلَى إِصْبَعِهِ فَقَالَ : لَا لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ ، فَقُلْتُ : فَأَيَّ شَيْءٍ رَأَى قَالَ : لَمَّا هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا قَامَتْ إِلَى صَنَمٍ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ ، فَأَلْقَتْ عَلَيْهِ ثَوْباً فَقَالَ لَهَا يُوسُفُ : مَا صَنَعْتِ قَالَ : طَرَحْتُ عَلَيْهِ ثَوْباً أَسْتَحْيِي أَنْ يَرَانَا ، قَالَ : فَقَالَ يُوسُفُ : فَأَنْتِ تَسْتَحْيِينَ مِنْ صَنَمِكِ وَهُوَ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَبْصُرُ وَلَا أَسْتَحِي أَنَا مِنْ رَبِّي (٢).
نَرْجِعُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي حَمْزَةَ : وَأَفْلَتَ يُوسُفَ مِنْهَا فِي ثِيَابِهِ (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً ـ إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قَالَ : فَهَمَّ الْمَلِكُ بِ يُوسُفَ لِيُعَذِّبَهُ ـ فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ : وَإِلَهِ يَعْقُوبَ مَا أَرَدْتُ بِأَهْلِكَ سُوءاً (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ، فَسَلْ هَذَا الصَّبِيَّ أَيُّنَا رَاوَدَ صَاحِبَهُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ : وَكَانَ عِنْدَهَا صَبِيٌّ مِنْ أَهْلِهَا زَائِرٌ (٣) [فِي الْمَهْدِ ـ فَقَالَ : هَذَا طِفْلٌ لَمْ يَنْطِقْ فَقَالَ : كَلِمَةٌ يُنْطِقُهُ اللهُ فَكَلَّمَهُ فَأَنْطَقَ اللهُ] لَهَا ـ فَأَنْطَقَ اللهُ الصَّبِيَّ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ ، فَقَالَ ـ لِلْمَلَكِ : انْظُرْ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِلَى الْقَمِيصِ ـ فَإِنْ كَانَ مَقْدُوداً مِنْ قُدَّامِهِ فَهُوَ رَاوَدَهَا ، وَإِنْ كَانَ مَقْدُوداً مِنْ خَلْفِهِ فَهِيَ الَّتِي رَاوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَصَدَقَ وَهِيَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلَامَ
__________________
الفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين) وأمّا إقرار إبليس بذلك فلقوله (فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين إلّا عبادك منهم المخلصين) فأقربانه لا يمكنه إغواء العباد المخلصين وقد قال الله تعالى (إنّه من عبادنا المخلصين) فقد أقرّ إبليس بأنّه لم يغوه وعند هذا نقول أن هؤلاء الجهّال الّذين نسبوا إلى يوسف الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته ، وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا إقرار إبليس بطهارته.
(١ ـ ٢) البحار ج ٥ : ١٩١. البرهان ج ٢ : ٢٤٨.
(٣) أيّ باك.