الصَّبِيِّ وَمَا اقْتَصَّ بِهِ ـ أَفْزَعَهُ ذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً ، فَدَعَا بِالْقَمِيصِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ـ فَلَمَّا رَأَى الْقَمِيصَ مَقْدُوداً مِنْ خَلْفِهِ ـ قَالَ لَهَا : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وَقَالَ لِيُوسُفَ (أَعْرِضْ عَنْ هذا) فَلَا يَسْمَعْهُ مِنْكَ أَحَدٌ ـ وَاكْتُمْهُ فَلَمْ يَكْتُمْهُ يُوسُفُ وَأَذَاعَهُ فِي الْمَدِينَةِ حَتَّى قَالَ نِسْوَةٌ مِنْهُنَّ : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) فَبَلَغَهَا ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَهَيَّأَتْ لَهُنَّ طَعَاماً وَمَجْلِساً ـ ثُمَّ أَتَتْهُنَّ بِأُتْرُجٍ (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ـ وَقالَتْ) لِيُوسُفَ : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ـ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ) مَا قُلْنَ ـ فَقَالَتْ لَهُنَّ : فَهَذَا (الَّذِي لُمْتُنَّنِي) فِي حُبِّهِ قَالَ : فَخَرَجَ النِّسْوَةُ مِنْ عِنْدِهَا ـ فَأَرْسَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إِلَى يُوسُفَ سِرّاً مِنْ صَوَاحِبِهَا ـ تَسْأَلُهُ الزِّيَارَةَ فَأَبَى عَلَيْهِنَّ ـ وَقَالَ : «رَبِ (إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ـ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ)» فَلَمَّا أَذَاعَ أَمْرَ يُوسُفَ وَأَمْرَ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَالنِّسْوَةِ فِي مِصْرَ ، بَدَا لِلْمَلَكِ بَعْدَ مَا سَمِعَ مِنْ قَوْلِ الصَّبِيِّ مَا سَمِعَ لَيَسْجُنَنَّ يُوسُفَ ، فَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ ـ وَدَخَلَ مَعَ يُوسُفَ فِي السِّجْنِ فَتَيَانِ ، فَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِمَا وَقِصَّةِ يُوسُفَ مَا قَصَّهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ ، قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عِنْدَ ذَلِكَ (١).
٢٠ ـ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ع قَالَ إِنَّ يُوسُفَ خَطَبَ امْرَأَةً جَمِيلَةً كَانَتْ فِي زَمَانِهِ ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ إِيَّايَ يَطْلُبُ ، قَالَ : فَطَلَبَهَا إِلَى أَبِيهَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهَا : إِنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهَا ، قَالَ : فَطَلَبَهَا إِلَى رَبِّهِ وَبَكَى ، قَالَ : فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ : إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُكَهَا ـ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَزُورَكُمْ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ : أَنْ تَعَالَ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا أَضَاءَ الْبَيْتُ لِنُورِهِ ، فَقَالَتْ : مَا هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ، فَاسْتَسْقَى فَقَامَتْ إِلَى الطَّاسِ لِتَسْقِيَهُ ، فَجَعَلَ يَتَنَاوَلُ الطَّاسَ مِنْ يَدِهَا ـ فَتَنَاوَلَهُ فَاهَا فَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا : انْتَظِرِي وَلَا تَعْجَلِي ، قَالَ : فَتَزَوَّجَهَا (٢).
٢١ ـ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَقُولُ إِنَّ يُوسُفَ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ السَّجَّانُ : إِنِّي لَأُحِبُّكَ ـ فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ : لَا تَقُلْ هَكَذَا ـ فَإِنَّ عَمَّتِي
__________________
(١) البرهان ج ٢ : ٢٤٨. البحار ج ٥ : ١٨٥.
(٢) البرهان ج ٢ : ٢٥٣. البحار ج ٥ : ١٩١.