تَقْرَبَانِي ـ وَقَدِ اطَّلَعَ (١) هَذَا الرَّجُلُ عَلَى حَالِكُمَا ـ وَعَرَفَ مَكَانَكُمَا خَرَجَ الْآنَ فَيُخْبِرُ بِخَبَرِكُمَا ، وَلَكِنْ بَادِرَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ ـ فَاقْتُلَاهُ قَبْلَ أَنْ يَفْضَحَكُمَا وَيَفْضَحَنِي ، ثُمَّ دُونَكُمَا فَاقْضِيَا حَاجَتَكُمَا وَأَنْتُمَا مُطْمَئِنَّانِ آمِنَانِ ، قَالَ : فَقَامَا إِلَى الرَّجُلِ فَأَدْرَكَاهُ فَقَتَلَاهُ ـ ثُمَّ رَجَعَا إِلَيْهَا فَلَمْ يَرَيَاهَا وَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ، وَنُزِعَ عَنْهُمَا رِيَاشُهُمَا ، وَأُسْقِطَا فِي أَيْدِيهِمَا ، قَالَ : فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِمَا ـ أَنَّمَا أَهْبَطْتُكُمَا إِلَى الْأَرْضِ مَعَ خَلْقِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ـ فَعَصَيْتُمَانِي بِأَرْبَعِ مَعَاصِي كُلِّهَا قَدْ نَهَيْتُكُمَا عَنْهَا ، وَتَقَدَّمْتُ إِلَيْكُمَا فِيهَا فَلَمْ تُرَاقِبَانِي وَلَمْ تَسْتَحِيَا مِنِّي ـ وَقَدْ كُنْتُمَا أَشَدَّ مَنْ يَنْقِمُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْمَعَاصِي ـ وَسَجَرَ أَسَفِي وَغَضَبِي عَلَيْهِمْ ـ لِمَا جَعَلْتُ فِيكُمْ مِنْ طَبْعِ خَلْقِي وَعِصْمَتِي إِيَّاكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي ـ فَكَيْفَ رَأَيْتُمَا مَوْضِعَ خِذْلَانِي فِيكُمَا ، اخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا أَمْ عَذَابَ الْآخِرَةِ ـ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : نَتَمَتَّعُ مِنْ شَهَوَاتِنَا فِي الدُّنْيَا ـ إِذْ صِرْنَا إِلَيْهَا إِلَى أَنْ نَصِيرَ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ ، وَقَالَ الْآخَرُ : إِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا لَهُ مُدَّةٌ وَانْقِطَاعٌ ، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ دَائِمٌ لَا انْقِطَاعَ لَهُ ، فَلَسْنَا نَخْتَارُ عَذَابَ الْآخِرَةِ الدَّائِمَ الشَّدِيدَ ـ عَلَى عَذَابِ الدُّنْيَا الْفَانِي الْمُنْقَطِعِ ، قَالَ : فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا ، فَكَانَا يُعَلِّمَانِ السِّحْرَ بِأَرْضِ بَابِلَ ، ثُمَّ لَمَّا عَلَّمَا النَّاسَ [السِّحْرَ] رُفِعَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَى الْهَوَاءِ ـ فَهُمَا مُعَذَّبَانِ مِنَكَّسَانِ مُعَلَّقَانِ فِي الْهَوَاءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (٢).
٧٦ ـ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ كُنْتُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَسَمِعْتُ عَلِيّاً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ـ وَنَادَاهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَهُوَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ ـ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا الْهُدَى فَقَالَ : لَعَنَكَ اللهُ وَلَمْ تَسْمَعْهُ ، مَا الْهُدَى تُرِيدُ وَلَكِنَّ الْعَمَى تُرِيدُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : ادْنُ فَدَنَا مِنْهُ ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْكَوْكَبَةِ الْحَمْرَاءِ يَعْنِي الزُّهَرَةَ قَالَ : إِنَّ اللهَ أُطْلَعَ مَلَائِكَتَهُ عَلَى خَلْقِهِ ـ وَهُمْ عَلَى مَعْصِيَتِهِ مِنْ مَعَاصِيهِ ، فَقَالَ الْمَلَكَانِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَلَقْتَ أَبَاهُمْ بِيَدِكَ ، وَأَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ يَعْصُونَكَ قَالَ : فَلَعَلَّكُمْ لَوْ ابْتُلِيتُمْ بِمِثْلِ الَّذِي ابْتَلَيْتُهُمْ (٣) بِهِ ـ عَصَيْتُمُونِي كَمَا عَصَوْنِي قَالا : لَا
__________________
(١) وفي نسختي البحار والصّافي «لا تصلان الآن إليّ وقد اطّلع» وهو الظّاهر.
(٢) البحار ج ١٤ : ٢٦٢. الصّافي ج ١ : ١٢٧. ونقله الطّبرسيّ «ره» في كتاب مجمع البيان ج ١ : ١٧٥ (ط صيدا) عن هذا الكتاب.
(٣) في نسخة البحار «إذا ابتليتم بمثل الّذي ابتلوهم».