علم الأئمة بالتأويل
١ ـ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْكُوفَةَ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً يَقْرَأُ بِهِمْ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قَالَ : فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : لَا وَاللهِ ـ مَا يُحْسِنُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَلَوْ أَحْسَنَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ لَقَرَأَ بِنَا غَيْرَ هَذِهِ السُّورَةِ قَالَ : فَبَلَغَهُ ذَلِكَ ـ فَقَالَ : وَيْلٌ لَهُمْ إِنِّي لَأَعْرِفُ نَاسِخَهُ مِنْ مَنْسُوخِهِ ـ وَمُحْكَمَهُ مِنْ مُتَشَابِهِهِ وَفَصْلَهُ مِنْ فِصَالِهِ وَحُرُوفَهُ مِنْ مَعَانِيهِ ، وَاللهِ مَا مِنْ حَرْفٍ نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ص إِلَّا أَنِّي أَعْرِفُ فِيمَنْ أُنْزِلَ وَفِي أَيِّ يَوْمٍ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ ، وَيْلٌ لَهُمْ أَمَا يَقْرَءُونَ (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) وَاللهِ عِنْدِي وَرِثْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ص ، وَقَدْ أُنْهِيَ [إِلَى] رَسُولِ اللهِ ص مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ع ، وَيْلٌ لَهُمْ وَاللهِ أَنَا الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ فِيَ (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) فَإِنَّمَا كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ص فَيُخْبِرُنَا بِالْوَحْيِ فَأَعِيهِ أَنَا وَمَنْ يَعِيهِ ، فَإِذَا خَرَجْنَا قَالُوا : (ما ذا قالَ آنِفاً) (١).
٢ ـ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ ص إِلَّا أَقْرَأَنِيهَا وَأَمْلَاهَا عَلَيَّ ، فَأَكْتُبُهَا بِخَطِّي ، وَعَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا وَتَفْسِيرَهَا ـ وَنَاسِخَهَا وَمَنْسُوخَهَا وَمُحْكَمَهَا وَمُتَشَابِهَهَا ، وَدَعَا اللهَ لِي أَنْ يُعَلِّمَنِي فَهْمَهَا وَحِفْظَهَا ، فَمَا نَسِيتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ وَلَا عَلَّمَ [مِنْ] إِمْلَائِهِ عَلَيَّ فَكَتَبْتُهُ مُنْذُ دَعَا لِي بِمَا دَعَا ـ وَمَا تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللهُ مِنْ حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ ـ وَلَا أَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ كَانَ أَوْ لَا يَكُونُ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ـ إِلَّا عَلَّمَنِيهِ وَحَفِظْتُهُ ، فَلَمْ أَنْسَ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي ـ وَدَعَا اللهَ أَنْ يَمْلَأَ قَلْبِي عِلْماً وَفَهْماً ـ وَحِكْمَةً وَنُوراً لَمْ أَنْسَ شَيْئاً ، وَلَمْ يَفُتْنِي شَيْءٌ لَمْ أَكْتُبْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ أَوَتَخَوَّفْتَ عَلَيَّ النِّسْيَانَ فِيمَا بَعْدُ فَقَالَ : لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ نِسْيَاناً وَلَا جَهْلاً ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي رَبِّي أَنَّهُ قَدِ اسْتَجَابَ لِي فِيكَ ـ وَفِي شُرَكَائِكَ الَّذِينَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ شُرَكَائِي مِنْ بَعْدِي قَالَ : الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللهُ بِنَفْسِهِ وَبِي ـ فَقَالَ : الْأَوْصِيَاءُ مِنِّي إِلَى أَنْ يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ كُلُّهُمْ هَادٍ مُهْتَدٍ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَهُمْ ، لَا يُفَارِقُهُمْ وَلَا يُفَارِقُونَهُ بِهِمْ تُنْصَرُ أُمَّتِي وَبِهِمْ يُمْطَرُونَ ، وَبِهِمْ يُدْفَعُ عَنْهُمْ وَبِهِمْ اسْتَجَابَ دُعَاءَهُمْ ، فَقُلْتُ :
__________________
(١) البرهان ج ١ : ١٦.