والقول
الثاني : أنّ الهمزة :
العيّاب الطّعّان ، واللّمزة مثله. وأصل الهمز واللّمز : الدّفع ، قاله ابن قتيبة
، وكذلك قال الزّجّاج : الهمزة اللّمزة : الذي يغتاب الناس ويعضهم ، قال ابن فارس
: والعضيهة الكذب والبهتان قال الشاعر :
إذا لقيتك عن
كره تكاشرني
|
|
وإن تغيّبت كنت
الهامز اللّمزة
|
قوله عزوجل : (الَّذِي جَمَعَ مالاً) قرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ ، وخلف ،
وروح : «جمّع» بالتشديد. والباقون بالتخفيف.
قوله عزوجل : (وَعَدَّدَهُ) قرأ الجمهور بتشديد الدال. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي
والحسن وابن يعمر بتخفيفها. وللمفسرين في معنى الكلام قولان : أحدهما : أحصى عدده ، قاله السّدّيّ.
والثاني
: أعدّه لما يكفيه
في السّنين ، قاله عكرمة. قال الزّجّاج : من قرأ «عدّده» بالتشديد ، فمعناه :
عدّده للدّهور. ومن قرأ «عدده» بالتخفيف ، فمعناه : جمع مالا وعدّده. أي : وقوما
اتّخذهم أنصارا.
قوله عزوجل : (يَحْسَبُ أَنَّ
مالَهُ أَخْلَدَهُ) أخلده بمعنى يخلده ، والمعنى : يظنّ ماله مانعا له من
الموت ، فهو يعمل عمل من لا يظنّ أنه يموت (كَلَّا) أي : لا يخلده ماله ولا يبقى له (لَيُنْبَذَنَ) أي : ليطرحنّ (فِي الْحُطَمَةِ) وهو اسم من أسماء جهنّم. سمّيت بذلك لأنها تحطم ما يلقى
فيها ، أي : تكسره ، فهي تكسر العظم بعد أكلها اللحم. ويقال للرجل الأكول : إنه
لحطمة. وقرأ أبو بكر الصّدّيق ، وعمر بن الخطّاب ، وأبو عبد الرّحمن ، والحسن ،
وابن أبي عبلة ، وابن محيصن : «لينبذانّ» بألف ممدودة ، وبكسر النون ، وتشديدها ،
أي : هو وماله.
قوله عزوجل : (الَّتِي تَطَّلِعُ
عَلَى الْأَفْئِدَةِ) أي : تأكل اللحم والجلود حتى تقع على الأفئدة فتحرقها. وقال
الفرّاء : يبلغ ألمها للأفئدة. والاطّلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد ، والعرب
تقول : متى طلعت أرضنا؟ أي : بلغت. وقال ابن قتيبة : تطّلع على الأفئدة ، أي :
تقوى عليها وتشرف. وخصّ الأفئدة ، لأنّ الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه ،
فأخبر أنهم في حال من يموت ، وهم لا يموتون. وقد ذكرنا تفسير «المؤصدة» في سورة
البلد .
قوله عزوجل : (فِي عَمَدٍ) قرأ حمزة والكسائيّ ، وخلف ، وعاصم إلّا حفصا بضمّ العين ،
وإسكان الميم. وقرأ الباقون بفتحهما. قال الفرّاء وهما حيطان للعمود ، وقرأ هارون
عن ابن عمرو بضمّ العين وإسكان الميم. قال المفسّرون : وهي أوتاد الأطباق التي
تطبق على أهل النار. و«في» بمعنى الباء. والمعنى : مطبقة بعمد. قال قتادة : وكذلك
هو في قراءة عبد الله. وقال مقاتل : أطبقت الأبواب عليهم ، ثم شدّت بأوتاد من حديد
، حتى يرجع عليهم غمّها وحرّها. و«ممدّدة» صفة العمد ، أي : أنها ممدودة مطوّلة ،
وهي أرسخ من القصيرة. وقال قتادة : هي عمد يعذّبون بها في النار. وقال أبو صالح : «عمد
ممددة» قال : القيود الطّوال.
__________________